المغربي بتزويده بالأسلحة الإيطالية (١) من أجل كسب ثقته ، لهذا أقيمت مناورات حربية بالذخيرة الحية على شرف المغاربة ، وقد استحسن الجعيدي المدفعية الإيطالية الحديثة التي تعمر من الخلف ، وقد وصفها بشكل علمي دقيق ساعدني على إدراك شكلها فرسمتها بطرة الصفحة تقريبا للفهم ، خاصة أنه تشكك في أقوال الطبجية الإيطاليين الذين أخبروهم أن القذيفة قد أصابت الهدف البعيد عن أنظارهم ، فحين رأوهم على ذلك الحال طلبوا منهم التوجه إلى مكان سقوط القذيفة لمعاينة الإصابة ، ثم أعادوا الكرة بضربها مرة ثانية ، حينئذ تأكدوا من جودة ودقة وقوة هذه المدافع الكبيرة ، ثم بين كيف تتم عملية مسامتة الهدف مع نيشان المدفع بتفصيل ساعدني على تصور ذلك فرسمته بطرة الصفحة كذلك. وهذا راجع لمعرفته الكييرة بقواعد الحساب والهندسة التي كان يلقنها لبعض أصدقائه الذين يتدربون على فن المدفعية بسلا ، لهذا أعجب بهذه المدافع فتمنى لو كانت في مراسي المغرب شيء في أبراجها «.. (٢) لكان ذلك من الاستعداد بالقوة الظاهرة في الوقت بحسب الاستطاعة ، لا بحسب العناد بحيث تكون العدة التي عندنا مماثلة للعدة التي عند النصارى كيفية وعددا ، لأن في ذلك حرجا ومشقة والمولى جل علاه سلك بهذه الأمة المحمدية مسلك اللطف والفرج فقال عز وجل: ﴿ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ وإنما أمرنا سبحانه بالاستعداد بحسب الاستطاعة فقال تعالى : ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
__________________
(١) سلما وجه مولاي عبد العزيز العساكر لقتل الثائر أبي حمارة أعطاهم السلاح الذي صنع في معامل فاس الذي بناه والده وأنفق فيه الملايين الكثيرة في شراء معمل من إيطاليا وبنائه مع المواد التي كانت تصنع البنادق ، وكانت تلك البنادق بيضاء مفضضة فأطلقوا عليها اسم «البويضة» فلما ضربوا بها الفتان صارت تتكسر في أيديهم ، فكم من واحد كسرت يده ، وكم من واحد قتلته ، وأنا بنفسي رأيت بعض البنادق مكسرة في أيدي العساكر الذين رجعوا منكسرين يوم دخولهم لفاس في يوم مشهود. فهذه نصيحة إيطاليا للمغرب». هذه شهادة يقدمها محمد بن الحسن الحجوي في رسالته الطويلة إلى الوزير الأول الجباص (مخطوط خ. ع. الرباط ج ٢٠٤ ص ٢٤) انظر مجلة كلية الآداب ، الرباط ، عدد ١٠ ، ١٩٨٤ ، ص ٥٢ سعيد بنسعيد «المثقف المخزني ...».
(٢) رحلة الجعيدي : ص ٣٧٧.