لعبهم يكون أصحاب الموسيقا مشتغلين بها ، وعددهم أظنه يزيد على المائة ...» ، كما وصف لنا الجعيدي المسرح الملكي بلندن من الناحية الهندسية ، وتأسف لأنه لم يسعفه الحظ من حضور إحدى عروضه ، وتطرق لأهمية المداخل المالية التي تجنيها التجار من كرائهم للمسرح أو حجزهم لعدد من مقاعده. وبإيطاليا شاهد المغاربة بعض العروض المسرحية وخاصة المتعلقة بفن الرقص المعروف «البالي» لم يذكرها في رحلته بل أشارت إليها الصحف الإيطالية ضمن أنشطة السفارة ، وهي التي تولدت عليها المستملحة الفكاهية التي أشرت إليها في الجانب الفكاهي من هذه الدراسة.
أما عن الجانب الموسيقي في الرحلة ، فإننا نجد الجعيدي يشير في كل مرة إلى وجود الأجواق الموسيقية عند كل الاستقبالات الرسمية ، فيصفها ويحاول رصد أوجه الاختلاف في ما بين هذه الأجواق من حيث اللباس أو الآلات التي يعزفون بها وأحيانا حتى النغمة الموسيقية. بل يطلعنا في رحلته أنهم خلال إقامتهم بروما كانت بعض الفرق الموسيقية تزورهم بمقر إقامتهم قصد الترحيب والترفيه عليهم «... جماعة من أصحاب الطرب بنحو أربعة عشر رجلا بأيديهم كثرات وأعواد مثل الآلة التي تستعمل في الغرب .. وطلع معهم جماعة من النسوة اللواتي كن جالسات في براح الدار ... وصاروا يخدمون بتلك الآلات بنغم مستعذبة تشبه النغم التونسية ...» ، كما ركز على الجانب التطبيقي لهذه الأجواق الحديثة باعتبارها تعزف قطعا موسيقية مكتوبة على الأوراق ويسيرها بما يعرف بالمايسترو» ... قدمت جماعة كبيرة من أصحاب الطرب أيضا للدار التي نحن نازلون بها ... وهم ممن يخدمون بالطرنبطات على أشكال من الهيئة ومن الكبر والصغر وبالمزامير وغيرها ... يخدمون واقفين يصنعون دائرة منهم ، ... كحلقة المداح ، وكل واحد ينصب قدامه ثلاثة أعمدة تجتمع رؤوسها قدامه ، فينصب على رأسها أعوادا رقاقا مربعة الشكل ليضع عليها الأوراق التي تبين له فيها خدمة طبائع الموسيقا التي يخدمون بها ، ... فيتقدم واحد منهم ويقف في وسط الحلقة ، وينصب ثلاثة أعمدة كذلك قدامه ، ويوقد له الضوء ويأخذ بيده قضيبا ويشتعل ...».
نستنتج اهتمام الجعيدي بفن الموسيقى من خلال المؤلفات المخطوطة التي تركها لنا