المؤرخ أحمد الناصري والمسجلة بكتابه (١) ، «الاستقصا» ، أنه ترك رسالتين في فن الموسيقى. إحداهما خاطب بها صديقه العلامة الفلكي ، إدريس الجعيدي السلاوي ، والأخرى قيدها في الموضوع نفسه ، وبحث فيهما في النغمات العربية والمقابلة بينها وبين الموسيقى العجمية.
الجانب العمراني والمنشآت العمومية والاجتماعية في الرحلة
لرحالة الجعيدي ميل كبير إلى فن المعمار كواجهة حضارية نظرا لتعوده على مشاهدة روائع العمران في المغرب من مساجد ومدارس وقصور وسواق وأقواس وأضرحة وغير ذلك.
بالإضافة إلى معرفته الجيدة لعلم الهندسة والحساب واطلاعه على كتاب أقليدس الرياضي اليوناني الشهير في علم الرياضيات والهندسة ، لهذا أعار هذا الفن باهتمام كبير في رحلته هاته. فكان يقف أمام العمران الأوربي (٢) بإعجاب يحصي الأعمدة والسواري والأبواب وأنواع الأثاث والحمامات ويقيس الطول والعرض ويذكر أشكال الزخرفة والتمويه وسعة الأماكن ويستعمل مصطلحات الحرفيين كالتخريم والقريسة والتشجير والدرابيز والسبنية والتوريق والفورمة والجوائز والبارات وغير ذلك بصفته العارف المتمكن بخبايا هذا الفن.
فمعرفته بالهندسة المعمارية المغربية التقليدية ، جعلته يلاحظ التجديد الحاصل في الهندسة المدنية في أوربا ، التي أخذت بأسباب العلم والتغيير باستحداث كل ما يجعلها سهلة ومنظمة وممتعة. وبالاهتمام بها هو قديم والعمل على صيانته والحفاظ عليه لحمايته من الضياع والاضمحلال.
__________________
(١) «الاستقصا» ، الجزء الأول ، ص ٣٢ ، رقم ٢١ من جدول مؤلفاته.
(٢) معظم الرحالة المغاربة لأوربا خلال القرنين ١٨ و١٩ ، اهتموا بهذا التطور الحضاري والعمراني الذي كانت تشهده المدن الأوربية.