فهو يقصد بهذا التغزل إشاعة روح المرح في ما بين أعضاء السفارة قصد التسلية والترفيه (١). بل نجد في إحدى قصائده الشعرية يقسم بكل المناظر المكشوفة من المرأة التي أكره على مشاهدتها وهي ترقص على خشبة المسرح وهي دعابة أدبية مقصودة ، نظرا لما يتيمز به من روح مرحة.
كما أشار لهذا التحرر من خلال مشاركتها في الحفلات والسهرات واختلاطها بالرجل وهي في كامل زينتها وأبهتها «.. (٢) ... والنساء يجررن ثياب الحرير بنحو ثلاثة أذرع في الأرض ، وغالبها مرصع بالديمانض ، وكذلك في نحورهن وعلى رؤوسهن ... ورأينا في نسائهم حياء كبيرا لأنهن يرفعن إلينا من بعد ، فإذا قربن ووقع بصرنا على إحداهن نكست بصرها إلى الأرض ، وغالبهن على هذه الحالة ...».
هذا الموقف يجعلنا أمام حالة ربما نادرة من حالات التكيف السريع مع التحرر الأخلاقي ، على أن المرأة الأوربية يغلب عليها النبل والطهر والعفاف ، عكس (٣) من يصفها بالفجور والرذيلة ، ونحن نعلم وضعية المرأة المغربية في تلك العصور ، وما كانت عليه من الجهل الفكري والتخلف الاجتماعي والانغلاق ، ونعلم أيضا موقف الإسلام من المرأة وما يوجبه عليها من الأخلاق والاستقامة مع العلم والوعي المشاركة في الحياة.
__________________
(١) انظر الجانب الفكاهي من الدراسة والقصيدة. كما أن الرحالة الصفار يتغزل في المرأة الفرنسية «... وتسدل ذلك الثوب حتى يستر بناءها ، فلا يظهر شيء من أسفلها بالكلية ، فإذا أقبلت عليك تشتهي أن تمسكها من ذلك الخصر ...» «رحلة إلى فرنسا» ص ١٠٥ و١٠٦ و٧٠ مخطوطا.
(٢) رحلة الجعيدي ، عند حضورهم حفلة شاي أقامها وزير المستعمرات البريطانية بلندن.
(٣) كمثال على ذلك ما أبداه ابن رعثمان المكناسي في رحلته «البدر السافر لهداية المسافر» من امتعاض عند حضوره بعض الحفلات الليلية بنابولي ، ص ٢٥٢.