وفرة الإنتاج الفلاحي
لاحظ الجعيدي ذلك في رحلته عند وصفه لأسواقهم ومتاجرهم الكبيرة ومآدبهم وغير ذلك ، ومن المقارنات اللطيفة التي أوردها حول طرق زراعة العنب أو الكرمة في كل من المغرب وإيطاليا عند خروجهم لمشاهدة مناورات حربية بضواحي طورين (١) «.. هم ينصبون مع كل ساق دالية خشبة برأسها أعمدة تنزل عليها أغصان الدالية ، لما يرون في ذلك من المصلحة لها ، فتخلخل الريح والهواء فيما بين أغصان الدالية وما تحتها ، وتشرق أشعة الكواكب عليها ، بخلاف الدالية التي في بعض مدن الغرب ، فإنهم يتركون أغصان الدالية يترامى بعضها فوق بعض حتى يلتئم غالبها ، ولا يمكن السلوك بينها إلا بمشقة ... ويبقى غالب عنا قيد العنب إذ ذاك منحجبا بين الأغصان والأوراق عن تمام نفوذ الهواء والأشعة ، وربما يكون تتولد آفة للعنب من ذلك والله أعلم ...» ، بمعنى تبقى عرضة للحشرات والطفيليات التي تقلل من جودة الإنتاج ومن مردودية الحقل كذلك.
الاهتمام بغرس الورود
استحسنه كثيرا وتذوق جمالية غرس الورود والأزهار في الحدائق والبساتين وعند ضفاف الأنهار ، وحتى داخل البيوت والفنادق والأماكن الآهلة ، علما أن زراعة النباتات الصغيرة في الأواني أصبحت صناعة رائجة وعلما وراثيا يسخران لرفاهية الإنسان ، باستحداث نباتات قادرة على النمو في الأماكن المغلقة ، وطرق حمايتها أيام البرد.
لكن رغم هذا التطور الكبير في الإنتاج الفلاحي ، فإن معظم الرحلات السفارية لم توليه اهتماما كبيرا يناسب أهمية هذا القطاع الذي ظل متخلفا وجامدا بالمغرب لمدة طويلة من الزمن ، حتى عهد الحماية التي عملت على استغلاله وتطويره قصد ربطه بالاقتصاد الأوربي كسوق تكميلي.
__________________
(١) انظر رحلة الجعيدي : ٣٨١.