باتصافه (١) بها عناية وإطلاق (٢) السبب عليه مجازا ، كما لا بأس (٣) بأن يعبر عن إنشاء وجوب الصلاة عند الدلوك ـ مثلا ـ بأنه سبب لوجوبها ، فكنى به (٤) عن الوجوب عنده.
فظهر بذلك (٥) : أنه لا منشأ لانتزاع السببية وسائر ما لأجزاء العلة (٦) للتكليف إلّا ما هي عليها (٧) من الخصوصية الموجبة لدخل كل (٨) فيه على نحو غير دخل الآخر (٩) ، فتدبر (١٠).
______________________________________________________
لكون سببية الدلوك ووجوب الصلاة معا معلولين لتلك الخصوصية التكوينية ، فاتصاف الدلوك بالسببية بإيجاب الصلاة عنده من دون تلك الخصوصية يكون مجازا ، أو لإناطة المجعول التشريعي به ، فيكون ثابتا بثبوته التشريعي ومن خصوصياته ، فينسب الجعل إليه مجازا.
(١) أي : باتصاف الدلوك بالسببية بعناية التلازم في الوجود.
(٢) عطف على «اتصافه» ومفسر له.
(٣) هذا دفع لما قد يتوهم ـ من دلالة بعض النصوص على كون الشيء الفلاني سببا للحكم الفلاني ـ من أن السببية قابلة للجعل الشرعي حقيقة كقابلية الأحكام التكليفية له.
وحاصل وجه الدفع : أن هذا التعبير كناية عن إنشاء الوجوب للصلاة مثلا عند الدلوك ؛ لا أن المجعول حقيقة هو السببية كما ربما يكون ذلك ظاهر الكلام.
(٤) أي : بكونه سببا ، وضمير «عنده» راجع على الدلوك.
(٥) أي : فظهر ـ ببطلان انتزاع السببية وأخواتها من الخطاب أصلا لا استقلالا ولا تبعا ـ أنه ينحصر منشأ انتزاع السببية في الخصوصية الذاتية.
(٦) كالشرط وأخويه.
(٧) الضمير راجع على الموصول المراد به الخصوصية ، وضمير «هي» راجع على أجزاء العلة.
(٨) أي : كل واحد من أجزاء العلة في التكليف.
(٩) لدخل بعضها سببيا والآخر شرطيا. وهكذا.
(١٠) لعله إشارة إلى أن كلام المصنف لا يخلو من الإشكال ؛ لأن ما أفاده المصنف ـ من انتزاع السببية من ذات السبب وكونها من خارج المحمول ـ لا يخلو من شيء ؛ لما أفيد من أنه خلط بين موضوعات التكاليف وملاكاتها ، فإن الخصوصية التكوينية المقتضية لتشريع الحكم وإن امتنع انتزاعها عن الحكم ، لتأخره عنها ، إلّا إنه ليس محل البحث ، إذ