ملاحظة ثبوته (١) فلا إشكال (٢) في كونه مسألة أصولية.
وكيف كان (٣) ؛ فقد ظهر مما ذكرنا في تعريفه (٤) : اعتبار أمرين في مورده : القطع بثبوت شيء والشك في بقائه ، ولا يكاد (٥) يكون الشك في البقاء إلا مع اتحاد
______________________________________________________
(١) أي : ثبوت ما علم ثبوته ، والمراد به وبقوله : «ثبوته» قبل ذلك : هو ما يقابل البقاء.
(٢) جواب «وأما لو كان» ، وقد عرفت توضيحه بما تقدم وهو قوله : «وأما على الثاني وهو كون الاستصحاب بناء العقلاء» ، وضميرا «ثبوته ، به» راجعان على «ما علم» من الحكم أو الموضوع ، وضمير «كونه» راجع على الاستصحاب.
(٣) يعني : سواء كان الاستصحاب مسألة أصولية أم فقهية.
وهذا إشارة إلى الأمر الثالث الذي تعرض له المصنف قبل الخوض في الاستدلال ، وهو بيان ركني الاستصحاب بناء على كونه أصلا عمليا مستندا إلى الأخبار الآتية. وقد تعرض له الشيخ «قدسسره» في الأمر الخامس فقال : «إن المستفاد من تعريفنا السابق الظاهر في استناد الحكم بالبقاء إلى مجرد الوجود السابق أن الاستصحاب يتقوم بأمرين أحدهما : وجود الشيء في زمان ، سواء علم به في زمان وجوده أم لا ... والثاني : الشك في وجوده في زمان لاحق عليه ...» (١).
(٤) من كونه «الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه» ، فإن المستفاد منه اعتبار أمرين فيه :
أحدهما : اليقين بثبوت شيء ، وهو يستفاد من قوله : «شك في بقائه» ؛ إذ الشك في البقاء يدل على الفراغ عن حدوثه.
ثانيهما : الشك في البقاء وهو مصرح به في التعريف.
(٥) حاصله : أن الشك في البقاء ـ الذي هو أحد ركني الاستصحاب ـ متقوم باتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا ؛ إذ مع عدم اتحادهما لا يكون من الشك في البقاء ؛ بل من الشك في الحدوث ، ضرورة : أن البقاء هو الوجود الاستمراري للموجود السابق ، ومن المعلوم : إناطة صدقه بالاتحاد المزبور.
ومن هنا يظهر : أن المراد بالاتحاد : هو الاتحاد الوجودي بأن يكون الموجود اللاحق عين السابق عرفا حتى تتحقق الوحدة ، فلو كان الموجود السابق واللاحق متحدين ماهية ومتعددين وجودا ـ كما إذا فرض عمرو مقارنا لانعدام زيد ـ لم يكن الموجود السابق واللاحق واحدا ؛ بل متعددا مع اتحادهما في الإنسانية.
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٢٤.