ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر والضرار (١) على نحو
______________________________________________________
قاعدة لا ضرر ولا ضرار
(١) وقد جعل المصنف «قدسسره» الكلام فيها في جهات :
الأولى : في بيان مدركها.
الثانية : في شرح مفادها بحسب المادة تارة والهيئة التركبية أخرى.
الثالثة : في بيان نسبتها مع الأدلة المتكفلة للأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية المعارضة لها بحسب الظاهر ؛ كأدلة وجوب الصلاة والصيام والحج ونحوها ، وكذلك نسبتها مع الأدلة الثانوية ؛ كأدلة نفي العسر والحرج والإكراه ، ونحوها من العناوين الثانوية العارضة للعناوين الأولية كالصلاة وغيرها من العبادات والمعاملات.
وأما الكلام في الجهة الأولى : فقد استدل لإثبات هذه القاعدة بالأدلة الأربعة.
أما الإجماع : فواضح لا يحتاج إلى البيان.
وأما العقل : فإنه قد يحكم مستقلا بأن الضرر والضرار مناف للعدل واللطف فلا يجوز.
وأما الكتاب : فقد استدل له بقوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً)(١).
وأما السنة : فقد استدل عليها بأخبار كثيرة ، وقد اكتفى المصنف «قدسسره» بذكر ما هو أشهرها قصة وأصحها سندا وأكثرها طرقا وأوضحها دلالة ، وهي الرواية المتضمنة لقصة سمرة بن جندب مع الأنصاري.
وتفصيل القصة موجود في المتن فلا يحتاج إلى مزيد من البيان.
وقد ادعى تواترها ولو إجمالا. فلا إشكال في مدرك قاعدة لا ضرر.
وأما الكلام في الجهة الثانية : فقد أشار المصنف إليها بقوله : «وأما دلالتها ...» الخ. وتوضيحها يتوقف على شرح معاني مفردات الألفاظ الواقعة في متن الحديث من كلمات «لا» ، و «ضرر» ، و «ضرار».
وأما «ضرر» : فالمحكي عن جملة من كتب اللغويين كالصحاح (٢) والنهاية (٣) الأثيرية التي هي عند العامة كمجمع البحرين عندنا ـ والقاموس هو : «أنه ما يقابل النفع» ، كما أن المحكي عن الصحاح والمصباح : «أن الضرر اسم مصدر والمصدر الضرّ» ، فالضر الذي
__________________
(١) البقرة : ٢٣١.
(٢) الصحاح ٢ : ٧١٩ ـ ضرر.
(٣) النهاية في غريب الحديث ٣ : ٨١ ـ ضرر.