.................................................................................................
______________________________________________________
حكم بكون الأصل مثبتا في القسم الثالث دون القسم الأول والثاني ؛ وذلك لتغاير الواسطة مع المستصحب في القسم الثالث دون القسم الأول والثاني ، فإن الواسطة متحدة مع المستصحب وجودا فيهما.
والملاك في مثبتية الأصل عند المصنف : أن تكون الواسطة مغايرة وجودا للمستصحب ؛ كالسواد والبياض ونحوهما من المحمولات بالضميمة التي لها ما بإزاء في الخارج ؛ وإن كانت قائمة بمعروضاتها ، فإن كان لسواد الجسم مثلا أثر شرعي لا يترتب على استصحاب الجسم أثر سواده.
وحاصل الكلام في المقام : أن مورد الأصل المثبت عند المصنف هو ما إذا كانت بين المستصحب والواسطة مغايرة وجودا. وأما إذا كان بينهما اتحاد وجودي ؛ بحيث تحمل الواسطة على المستصحب بالحمل الشائع لم يكن الاستصحاب لترتيب أثر الواسطة على المستصحب من الأصل المثبت أصلا ، ضرورة : أن متعلق الحكم على ما ثبت في محله وإن كان هو الكلي ؛ لكنه بلحاظ وجوده ، لعدم قيام الملاكات الداعية إلى تشريع الأحكام بالطبائع بما هي هي ؛ بل بلحاظ وجودها ، ومن المعلوم : أن الكلي موجود بعين وجود فرده ، سواء كان منتزعا عن ذات الفرد كالإنسان المنتزع عن زيد مثلا ، أم منتزعا عن اتصافه بعوارض ليس لها ما بإزاء في الخارج ؛ بل هي متحدة وجودا مع معروضها كالعالم والعادل ونحوهما من العناوين الاشتقاقية التي لا يكون لمبادئها ما يحاذيها في الخارج.
وعليه : فإذا شككنا في بقاء مائع على خمريته ، فاستصحاب خمريته لترتيب حرمة طبيعة الخمر عليه ليس مثبتا. وكذا استصحاب عدالة زيد مثلا لترتيب آثار طبيعة العادل عليه ليس مثبتا.
هذا كله بناء على تعلق الأحكام بالطبائع. وأما بناء على تعلقها بالأفراد فالأمر أوضح ؛ لكون الفرد بخصوصيته موضوع الحكم ، من دون حاجة في إثبات الحكم له إلى انطباق الطبيعي عليه.
ونتيجة البحث في المورد الأول : هي كون الأصل مثبتا عند الشيخ نظرا إلى وجود الواسطة وهي الكلي ؛ لأن الحكم للفرد إنما هو بواسطة الكلي ، وليس الأصل مثبتا عند المصنف نظرا إلى اتحاد الواسطة مع المستصحب وجودا ؛ لأن الكل لا يعدّ لازما عقليا للفرد كي يكون الاستصحاب من الأصل المثبت ، بل هو عين الفرد وجودا ومتحد معه خارجا ، فلا يكون الأصل مثبتا. هذا تمام الكلام في المورد الأول من الموارد الثلاثة.