ضرورة (١) : صحة إمكان دعوى بناء العقلاء على البقاء تبعدا ، أو لكونه (٢) مظنونا ولو نوعا ، أو (٣) دعوى : دلالة النص أو قيام الإجماع عليه قطعا بلا تفاوت (٤) في ذلك بين كون دليل الحكم نقلا أو عقلا.
______________________________________________________
(١) تعليل لكفاية الاتحاد عرفا ؛ وذلك لأن المدار في صحة جريان الاستصحاب على صدق الشك في البقاء ، ومن المعلوم : صدقه على الاتحاد العرفي ، سواء كان اعتباره ببناء العقلاء أم الظن أم النص أم الإجماع ، فلا وجه لتوهم اختصاص كون الموضوع عرفيا بما إذا كان دليل الاعتبار النصوص ؛ بدعوى : كون الأخبار مسوقة بلحاظ الموضوع العرفي ، لأنها ملقاة إلى العرف ، فالمتبع في تشخيص الموضوع وصدق الشك في البقاء هو نظر العرف.
وجه فساد التوهم : صحة دعوى كون التزام العقلاء وكذا الإجماع والظن بلحاظ الموضوع العرفي أيضا.
إلّا أن يقال : إن لبّية الدليل من الإجماع وبناء العقلاء تقتضي لزوم الاقتصار على القدر المتيقن ؛ إذ لا إطلاق له كالنص حتى يؤخذ به.
(٢) عطف على قوله : «تعبدا» ، وضمير «لكونه» راجع على «البقاء».
(٣) عطف على «دعوى بناء العقلاء». وقوله : «أو قيام» عطف على «دلالة النص».
جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف بحكم العقل
(٤) متعلق ب «صحة إمكان دعوى بناء العقلاء» ، يعني : بلا تفاوت في بنائهم على البقاء «بين كون دليل الحكم نقلا ...» الخ. وهذا إشارة إلى تفصيل آخر في حجية الاستصحاب ابتكره الشيخ «قدسسره» ، وهو التفصيل بين الحكم الشرعي المستند إلى الأدلة النقلية ؛ كالكتاب والسنة كأغلب كالتكاليف ، والمستند إلى الحكم العقلي ؛ كحسن العدل وردّ الوديعة والصدق النافع ، وقبح الظلم والكذب الضار بالمؤمن ، ونحوها بجريان الاستصحاب في الأول دون الثاني ، واعترض عليه المصنف هنا وفي الحاشية ، قال الشيخ في الوجه الثاني من وجوه تقسيم الاستصحاب باعتبار الدليل الدال على المستصحب ما لفظه : «نظرا إلى أن الأحكام العقلية كلها مبينة مفصلة من حيث مناط الحكم الشرعي والشك في بقاء المستصحب وعدمه لا بد وأن يرجع إلى الشك في موضوع الحكم ... والموضوع لا بد أن يكون محرزا معلوم البقاء في الاستصحاب ...
وهذا بخلاف الأحكام الشرعية ، فإنه قد يحكم الشارع على الصدق بكونه حراما ، ولا يعلم أن المناط الحقيقي فيه باق في زمان الشك أو مرتفع فيستصحب الحكم الشرعي ...».