ذلك (١) وإنما المهم (٢) في النزاع هو أن الوضع كالتكليف في أنه مجعول تشريعا بحيث يصح انتزاعه بمجرد إنشائه ، أو غير مجعول كذلك (٣) ؛ بل إنما هو منتزع عن التكليف ومجعول بتبعه وبجعله (٤).
والتحقيق : أن ما عدّ من الوضع على أنحاء منها : ما لا يكاد يتطرق إليه الجعل تشريعا أصلا لا استقلالا ولا تبعا وإن كان مجعولا تكوينا عرضا بعين جعل موضوعه كذلك (٥).
______________________________________________________
(١) أي : في الحصر وعدمه.
(٢) بعد أن فرغ من الأمور الثلاثة شرع في تحقيق الحكم الوضعي والتفصيل بين أقسامه.
وحاصل ما أفاده : أنه لا وقع للنزاع في حصر الحكم الوضعي وعدمه لعدم كونه مهما ؛ بل المهم تحقيق كون الوضع كالتكليف في صحة جعله وإنشائه بالاستقلال ، وعدم كونه كالتكليف في قابليته للإنشاء بالاستقلال. والمصنف «قدسسره» اختار التفصيل في ذلك بين الأمور المعدودة من الأحكام الوضعية ، وحاصله : أن تلك الأمور على أقسام ثلاثة :
أحدها : ما لا يقبل الجعل الشرعي أصلا لا استقلالا ولا تبعا.
ثانيهما : ما يقبله تبعا للتكليف ولا يقبله أصالة واستقلالا.
ثالثها : ما يقبل كلا من الجعل الاستقلالي والتبعي ، وقد تقدم تفصيل كل من هذه الأقسام.
(٣) أي : تشريعا ، وإن كان مجعولا تكوينيا للشارع بما هو خالق هويات الممكنات.
(٤) الضميران راجعان على التكليف. ثم إن هذا مبني على مختاره من كون الحكم التكليفي من الاعتبارات الجعلية ، والمعاني الإنشائية التي تنالها يد التشريع ، سواء كان بلفظ الإنشاء كصيغة «افعل» ، أم بلفظ الإخبار مثل «هذا واجب» و «ذاك حرام».
وأما بناء على كون حقيقة الحكم مجرد العلم بالصلاح والفساد من دون استتباعه للشوق المحرك للعضلات الباعث على إيجاد الفعل أو على الأمر بإيجاده ، أو كونه هو الشوق المؤكد المعبر عنه بالحالة النفسانية البعثية ، فلا يبقى إنشاء ؛ بل جميع الخطابات إخبار عن المصالح والمفاسد والترجحات النفسية.
(٥) أي : تكوينا ، كجعل دهنية الدهن ، فإنها مجعولة تكوينا بجعل الدهن وإيجاده.
ثم إنه قد يتوهم التنافي بين ما أفاده المصنف «قدسسره» في أول البحث من صدق