قاعدة تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية (١).
______________________________________________________
في الأحكام الجزئية ؛ كاستصحاب نجاسة ثوبه ببول بعد غسله مرة في الكثير للشك في اعتبار التعدد حتى في الغسل به.
أما الجاري في الأحكام الجزئية والموضوعات الخارجية : فليس مسألة أصولية ، ويقتضيه قول المصنف في تعريف علم الأصول في أول الكتاب : «ومسائل الأصول العملية في الشبهات الحكمية».
وأما الجاري في القسمين الأولين : فحاصل ما أفاده «قدسسره» فيهما هو : أن الاستصحاب من المسائل الأصولية ، سواء كان من الأصول العملية التي هي وظيفة الشاك ، ويكون الشك موضوعها ، أم من الأدلة الظنية.
أما على الأول : فلانطباق ضابط المسألة الأصولية عليه ؛ إذ يقال : «إن نجاسة الماء المتغير الذي زال تغيره بنفسه أو بعلاج مما شك في بقائه ، وكل ما شك في بقائه فهو باق ، فينتج بقاء نجاسة الماء المزبور» ، والحكم بنجاسته في هذه الصورة حكم كلي فرعي يتعلق بالعمل ، فالاستصحاب حينئذ قاعدة مهدت لاستنباط الأحكام الفرعية ، وكل ما كان كذلك فهو مسألة أصولية.
وأما الاستصحاب الجاري في المسألة الأصولية كالحجية : فكونه من مسائل علم الأصول أظهر ؛ إذ ليس مجراه حكما فرعيا حتى يتوهم كونه من القواعد الفقهية.
وأما على الثاني ـ وهو كون الاستصحاب بناء العقلاء على ما علم ثبوته سابقا ـ فلأن البحث عن حجيته بحث عن ثبوت التلازم بين الحدوث والبقاء عند العقلاء وعدمه ، وعلى تقدير ثبوته : فهل هذا البناء منهم حجة أم لا؟
وكذا بناء على اعتباره من باب الظن بالملازمة ، فإنه يبحث فيه تارة : عن وجود هذا الظن وأخرى : عن حجيته ، ومن المعلوم : أن البحث عن دليلية الظن بالبقاء كالبحث عن حجية غيره من سائر الظنون أصولي لا فقهي ؛ لعدم كون مفاده حكم العمل بلا واسطة كالبحث عن حجية خبر الواحد.
(١) وكل ما كان كذلك فهو مسألة أصولية ؛ لما تقدم في تعريف علم الأصول بأنه «صناعة يعرف بها القواعد التي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام ، أو التي ينتهي إليها في مقام العمل» ، فالاستصحاب الجاري في الموضوعات الجزئية كحياة المفقود وعدالة زيد ، وكذا الجاري في الأحكام الجزئية كحلية هذا المائع أو طهارة هذا الثوب ليس مسألة أصولية ؛ بل هو من الأحكام الفرعية كقاعدتي الفراغ والتجاوز.