فصل
في الاستصحاب (١)
______________________________________________________
(١) وقبل الدخول في بيان أدلته ينبغي تقديم أمور :
الأمر الأول : في معنى الاستصحاب لغة واصطلاحا.
الثاني : في أن البحث عن الاستصحاب هل يكون بحثا عن مسألة أصولية أو فقهية.
الثالث : في الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين.
الرابع : في تقسيم الاستصحاب على أنحاء.
الكلام في معنى الاستصحاب
وهو في اللغة : عبارة عن أخذ شيء مصاحبا ، فمعنى : استصحبت هذا الشيء أي : أخذته مصاحبا ، واستصحبت هذا الشخص أي : اتخذته صاحبا ، فإطلاقه على القاعدة المعروفة بالاستصحاب عند الأصوليين إنما هو باعتبار أن العامل بها يتخذ ما تيقن به سابقا صحيبا له إلى الزمان اللاحق في مقام العمل ، فكأن المستصحب يجعل الشيء المشكوك فيه في صحبته ، فإذا شك في بقاء طهارته ـ وقد كان سابقا متطهرا ـ لازم الطهارة وبنى على أنها معه ، ومنه قوله الفقهاء في مقام بيان مبطلات الصلاة : «استصحاب أجزاء ما لا يؤكل لحمه مبطل للصلاة» ، فيكون هذا الاستصحاب بالمعنى اللغوي.
وأما معناه اصطلاحا : فقد عرف في كلمات القوم بتعاريف عديدة.
منها : ما في زبدة الأصول للشيخ البهائي «رحمهالله» من أنه «إثبات الحكم في الزمان الثاني تأويلا على ثبوته في الزمن الأول» ، وهو تعريف جيد إلّا من ناحية عدم الإشارة فيه إلى ركني الاستصحاب وهما : اليقين السابق والشك اللاحق.
ومنها : ما اختاره الشيخ الأنصاري «قدسسره» في رسائله بعنوان أنه تعريف أسدّ وأخصر وهو : «أن الاستصحاب إبقاء ما كان» (١) ، ويرد عليه أيضا بعدم الإشارة فيه إلى
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٩.