دخل ما له الدخل (١) في التكليف ، إذا شك في بقائه على ما كان من الدخل (٢) ؛ لعدم (٣) كونه حكما شرعيا ، ولا يترتب عليه أثر شرعي. والتكليف (٤) وإن كان مترتبا عليه ؛ إلّا إنه ليس بترتب شرعي (٥) فافهم (٦).
______________________________________________________
بل هو عقلي ، ومن المعلوم : أن اتصاف الحكم بكونه شرعيا منوط بأمرين : أحدهما : أن يكون مما أنشأه الشارع ، والآخر : أن يكون ترتبه شرعيا أيضا ، كما إذا قال : «المستطيع يجب عليه الحج» ، فإن ترتب وجوب الحج على المستطيع شرعي ؛ لأن المستطيع موضوع في لسان الخطاب للوجوب. وهذا بخلاف سببية الدلوك ، فإن ترتب الوجوب عليها ليس شرعيا لأن ترتب الوجوب عليه مستند إلى الخصوصية الذاتية الكامنة فيه ، وليس كترتب وجوب الحج على المستطيع حتى يصح استصحاب سببية الدلوك إذا شك في بقائها كصحة استصحاب الاستطاعة إذا شك في بقائها ، ففرق واضح بين استصحاب الاستطاعة واستصحاب سببية الدلوك.
والحاصل : أن الاستصحاب لا يجري في القسم الأول من الأحكام الوضعية وهو ما لا تناله يد الجعل أصلا. ويجري في القسم الثاني وهو ما يكون مجعولا بالتبع كالجزئية المنتزعة عن الحكم التكليفي المتعلق بجملة أمور. كما يجري في القسم الثالث أيضا بالأولوية ، لكونه كالحكم التكليفي مجعولا مستقلا.
(١) كالسببية والشرطية والمانعية للتكليف.
(٢) تفسير للموصول في «ما كان» والمراد به السببية ونحوها.
(٣) تعليل لقوله : «لا مجال» وعدم كون مثل السببية حكما شرعيا واضح ؛ لأنها أمر ذاتي تكويني غير قابل للجعل التشريعي.
(٤) الأولى أن يقال : «ولا ما يترتب ...» ، والمقصود : أنه ليس موضوعا لحكم شرعي حتى يندرج في استصحاب الموضوعات ذوات الآثار الشرعية.
(٥) يعني : أن هذا الترتب الشرعي مما لا بد منه في استصحاب الموضوعات ، فإذا علمنا بوجوب المقتضي لوجوب الصلاة وبوجود مانعة ، ثم علمنا بارتفاع المانع وشك في بقاء المقتضي لم يجر استصحاب بقاء المقتضي ، لعدم كون المقتضى بنفسه حكما شرعيا ولا موضوعا له ، وإنما هو داع للشارع إلى إنشاء الوجوب عند تحققه ، على تقدير بقائه يترتب عليه الحكم ؛ لكن الإشكال كله في عدم كون هذا الترتب شرعيا ، فإن ترتب المسبب على سببه ليس بيد الشارع وإنما هو أمر واقعي.
(٦) لعله إشارة إلى إمكان عدم الفرق في جريان الاستصحاب بين الموضوع والسببية بأن يقال : إن مجرد كون السببية أمرا ذاتيا لا يمنع عن جريان الاستصحاب وإلّا لما جرى