قال : «لا ، حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكنه ينقضه بيقين آخر» (*).
______________________________________________________
الثاني : كان السؤال عن الناقض وأنه هل هو المرتبة الكاملة من النوم ، أو تكفي المرتبة الضعيفة مع العلم بمفهوم النوم وأن له مراتب قويها ما تتعطل به القوى الثلاث ـ العين ، والأذن ، والقلب ـ وضعيفها ما تتعطل به العين ، أو هي مع السمع ولكن القلب يدرك ولا يتعطل.
الثالث : كان السؤال عن ناقضية الخفقة والخفقتين مع العلم بأنها ليست داخلة في النوم ؛ لكنه يحتمل أن تكون بنفسها ناقضة وإن لم تكن نوما. وهذا الاحتمال الثالث مردود ؛ لأن النواقض محدودة ، وبعيد عن زرارة أن لا يعرفها ، ويحتمل كون الخفقة برأسها ناقضة وإن لم تكن داخلة تحت النوم.
فتعيّن أحد المعنيين الأول والثاني ، فعلى الأول : الشبهة حكمية مفهومية ، وعلى الثاني : حكمية محضة وهو الظاهر ، بقرينة أن الإمام «عليهالسلام» قام بتبيين مراتب النوم ، وصرّح بأن نوم العين والأذن مع التصديق بأنه من مراتبه لا يكفي ، وإنما الناقض هو المرتبة الكاملة منه أي : إذا نام الجميع.
هذا تمام الكلام في بيان تعيين مورد السؤال في هذه الصحيحة.
وأما تقريب الاستدلال بهذه الصحيحة على حجية الاستصحاب : فيتوقف على مقدمة وهي : بيان الجزاء لقوله : «وإلّا فإنه على يقين من وضوئه». أو لقوله : «فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم». والأول هو مختار الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، حيث جعل الشرط «وإلّا» أي : وإن لم يستيقن أنه قد نام. والثاني هو مختار صاحب الكفاية حيث جعل الشرط «فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم».
وفي الجزاء على كلا الاحتمالين في الشرط احتمالات :
الاحتمال الأول : أن الجزاء محذوف مستفاد من قوله : «لا» في جواب «فإن حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم» أي : لا يجب الوضوء «حتى يستيقن أنه قد نام». هذا على تقرير صاحب الكفاية الاستدلال بها على حجية الاستصحاب ؛ ولكن تقرير الشيخ الأنصاري الاستدلال بها على حجية الاستصحاب يكون مخالفا لتقرير صاحب الكفاية.
وحاصل ما أفاده الشيخ في تقرير الاستدلال بها على حجية الاستصحاب هو : أن
__________________
(*) تهذيب الأحكام ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ / ٦٣١.