ولا بأس بصرفه (١) إلى تحقيق الوضع ، ...
______________________________________________________
بقي الكلام في التفصيل بين الحكم الوضعي والتكليفي بجريانه في الأول دون الثاني ؛ كما نسب إلى الفاضل التوني «قدسسره».
(١) أي : صرف الكلام والداعي إلى التعرض للأحكام الوضعية هنا هو الوقوف على تفصيل منسوب إلى الفاضل التوني «قدسسره» من حجية الاستصحاب في الأحكام الوضعية دون التكليفية.
في تفصيل الفاضل التوني بين التكليف والوضع
وتوضيح هذا التفصيل صحة وفسادا يتوقف على ذكر أمور :
من باب المقدمة.
الأمر الأول : هو الفرق بين الحكم التكليفي والوضعي مفهوما ، ولا خلاف في أن المفهوم من لفظ الوضع يخالف ما هو المفهوم من التكليف.
وقال بعض المحققين في مقام الفرق بينهما : إن الأحكام التكليفية عبارة عن المجعولات الشرعية التي تتعلق بأفعال العباد أولا وبالذات من حيث الاقتضاء والتخيير ، وهي تنحصر في خمسة ، أربعة منها تقتضي البعث والزجر وهي : الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة. وواحدة منها تقتضي التخيير وهي الإباحة ، والأحكام الوضعية عبارة عن المجعولات الشرعية التي لا تتضمن البعث والزجر ولا تتعلق بالأفعال ابتداء أولا وبالذات ، وإن كان لها نحو تعلق بها ولو باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفية ، سواء تعلق الجعل الشرعي بها ابتداء تأسيسا أو إمضاء أو تعلق الجعل الشرعي بمنشإ انتزاعها الأول كالملكية والزوجية والولاية والسببية كما في قوله «تبارك وتعالى» : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) حيث اعتبر السرقة سببا لقطع اليد ، والمانعية كما في قوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» «لا يرث من المال القاتل شيئا» (٢) ، حيث اعتبر القتل مانعا من الإرث ، أو تعليق الجعل الشرعي بمنشإ انتزاعها كالجزئية والشرطية ، فإذا اعتبر وجودا في المأمور به فينتزع منه الشرطية كالاستقبال ويقال : إن الاستقبال شرط للصلاة ، وكالاستطاعة حيث اعتبر شرطا لوجوب الحج كما في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٣) ، وكالمانعية في بعض الموارد ، فإذا اعتبر
__________________
(١) المائدة : ٣٨.
(٢) الكافي ٦ : ١٤١ / جزء من ح ١.
(٣) آل عمران : ٩٧.