مثل (١) الزمان فيما هو المناط لثبوته ، فلا (٢) مجال إلّا لاستصحاب عدمه.
فإنه يقال : نعم (٣) ؛ لو كانت العبرة في تعيين الموضوع بالدقة ونظر العقل وأما إذا كانت العبرة بنظر العرف (٤) : فلا شبهة في أن الفعل بهذا النظر موضوع واحد في الزمانين (٥) قطع (٦) بثبوت الحكم له في الزمان الأول ، وشك في بقاء هذا الحكم له وارتفاعه في الزمان الثاني ، فلا يكون مجال إلّا لاستصحاب ثبوته (٧).
______________________________________________________
(١) التعبير بالمثل للتنبيه على عدم خصوصيته في الزمان بل هو شأن كل قيد أخذ في موضوع الحكم وإن لم يكن زمانا كالتستر والاستقبال في الصلاة.
(٢) هذه نتيجة دخل الزمان في ملاك الحكم وكونه قيدا للموضوع ؛ لأن انتفاء القيد يوجب تعدد الموضوع وانثلام وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ، فلا يجري استصحاب التكليف ؛ بل يجري استصحاب عدمه ، لأن المتيقن انتقاضه هو زمان التكليف ، وما بعده مشكوك الانتقاض فيستصحب عدمه. وضمير «هو» راجع على الموصول المراد به المصلحة الداعية إلى الجعل.
(٣) هذا دفع الإشكال المزبور ومحصله : أن دخل كل قيد في الموضوع إنما هو بنظر العقل المبني على الدقة. وأما بنظر العرف المسامحي الذي هو المعيار في باب الاستصحاب فلا ريب في أن الفعل الذي أخذ الزمان ظرفا لا قيدا له يكون بهذا النظر العرفي في كلا الزمانين واحدا ولا تثلم وحدته باختلاف الزمان ، فإذا شك في ثبوت الحكم بعد مضي الزمان المأخوذ ظرفا له لا يجري فيه إلّا استصحاب التكليف المعلوم حدوثه في الزمان الأول ؛ لكون الشك فيه شكا في بقاء التكليف لا في حدوثه ، فإذا علم بوجوب إكرام العلماء مثلا يوم الجمعة مع العلم بظرفية الجمعة للحكم ، وشك في بقاء الوجوب بعدها جرى استصحاب وجوب الإكرام بلا مانع ؛ إذ المفروض : ظرفية يوم الجمعة للحكم لا قيديته له.
وبالجملة : فالعرف يحكم بوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة في صورة ظرفية الزمان ، ووحدة الفعل في الزمانين.
(٤) يعني : كما هو كذلك في باب الاستصحاب ، وأنه لا عبرة فيه بنظر العقل أصلا.
(٥) أي : زمان الفعل وما بعده.
(٦) صفة ل «موضوع واحد» هذا تقريب الاستصحاب وتطبيقه على المقام وبيان ركنيه من اليقين والشك.
(٧) هذا الضمير وضمير ارتفاعه راجعان إلى «الحكم». وضميرا «له» في الموضعين