بملاحظة الأمر بلا حاجة إلى جعلها (١) له ، وبدون الأمر به (٢) لا اتصاف بها أصلا وإن اتصف بالجزئية أو الشرطية للمتصور أو لذي المصلحة (٣) كما لا يخفى.
وأما النحو الثالث (٤) : فهو كالحجية والقضاوة والولاية والنيابة والحرية والرقية
______________________________________________________
(١) أي : بلا حاجة إلى جعل الجزئية والشرطية لذلك الشيء جعلا مستقلا ، فإن منشأ الانتزاع تعلّق الأمر بالكل الموجب لاتصاف جزئه وشرطه بالجزئية والشرطية ، وضمير «جعلها» راجع على الجزئية والشرطية.
(٢) يعني : وبدون الأمر بالمأمور به لا اتصاف بالجزئية لأجزائه أصلا.
(٣) وهو خارج عن محل البحث ، لما عرفت من : أن منشأ انتزاع جزئية السورة مثلا للصلاة ليس دخلها في الوفاء بالغرض ولا في كونها بعض الملحوظ وإنما هو اتصاف الكل بالمطلوبية الناشئة من تعلق الطلب به المنبسط على كل جزء منه.
فتحصل مما ذكره المصنف في القسم الثاني : أن الشيء الذي له دخل في متعلق الأمر لا ينتزع عنوان الجزئية ونحوها له إلّا بعد تعلق الأمر بجملة أمور مؤثرة في غرض واحد وملاك فارد ، فهذا القسم الثاني من الأحكام الوضعية ليس مجعولا بالاستقلال ، بل بالتبع والعرض ؛ لكونها منتزعة عن التكليف ، فافترقت عن القسم الأول غير القابل للجعل أصلا والأجنبي عن الحكم الوضعي قطعا ، وعن القسم الثالث الآتي بيانه ؛ لأنه مما يصح تطرق كل من الجعل الاستقلالي والعرضي إليه.
(٤) من أنحاء الحكم الوضعي ، وهو الذي يصح جعله استقلالا ويصح جعله تبعا للتكليف.
وبعبارة أخرى : أنه ما يكون قابلا للجعل أصالة بإنشائه مستقلا وتبعا للتكليف ، وإن كان الصحيح كونه مجعولا بالاستقلال.
وضابط هذا القسم : كل أمر اعتباري له أثر شرعا وعرفا كالحجية لخبر الواحد مثلا ، «والقضاوة» بأن يكون لفرد حق فصل الخصومات ويكون أمره نافذا فيها ، «والولاية» بأن يكون لأحد حق التصرف في الشئون الاجتماعية أو في شئون القصّر والغيّب.
والأموات ، «والنيابة» بأن يكون شخص نائبا عن الإمام «عليهالسلام» مثلا فيجوز له أن يتصرف فيما لا يجوز لغير الإمام التصرف فيه من أمور الحسبة والجهاد وإجراء الحدود ، «والحرية» بأن يكون شخص مختارا فيما يفعل مما أباحه الشرع. «والرقية» بأن يكون شخص مقيدا لغيره في جميع الشئون باستثناء ما ألزمه الشارع ، «والزوجية» بأن يحل لأحد الوطء والنظر وتجب النفقة وتجب الإطاعة ، «والملكية» بأن يكون لأحد التصرف