.................................................................................................
______________________________________________________
في شيء كما أراد باستثناء ما منعه الشارع ، «إلى غير ذلك» كجعل الوكالة لشخص ، فإن الوكيل نائب عن الموكل فيما وكل فيه.
وكيف كان ؛ فإن هذا النحو من الأحكام الوضعية يحتمل فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون منتزعا عن الحكم التكليفي ؛ لإمكان انتزاعه عن الأحكام الشرعية التي تكون في مواردها ، فيقال : الزوجية مثلا منتزعة عن جواز المباشرة والنظر واللمس ونحوها ، وإليه ذهب الشيخ «قدسسره» حيث أنكر جعل هذه الأمور الاعتبارية أصالة ، وادعى كونها منتزعة من التكليف.
وثانيهما : أن يكون مجعولا بالاستقلال ، يعني : جعل كل واحد من هذه الأمور الاعتبارية بالذات ، وجعل أحكامها المترتبة عليها تبعا ، فإن هذا القسم من الوضعيات لما كان من الأمور الاختراعية التي يدور وجودها في وعاء الاعتبار مدار لحاظ معتبرها وجعله ، كان المهم في ترتب أحكامها عليها إنشاءها ، سواء كان بعقد أم إيقاع على اختلافها ، فتنتزع الملكية الواقعية من جعله تعالى شيئا ملكا لأحد كأمره «جلّ وعلا» رسوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بإعطاء فدك لبضعته الطاهرة سيدة نساء العالمين «عليها الصلاة والسلام» ، ومن إجازة التصرف وإباحته بأنحائه في مال معين ، فإن كل واحد من هذين النحوين منشأ لانتزاع الملكية.
واختار المصنف «قدسسره» الوجه الثاني. وعليه : فمدعاه مؤلف من عقدين إيجابي ، وهو كون هذا القسم الثالث مجعولا بالاستقلال كالأحكام التكليفية ، وسلبي وهو عدم كونه مجعولا بتبع الحكم التكليفي ومنتزعا منه.
واستدل على العقد الإيجابي بوجه واحد ، وعلى السلبي بوجوه ثلاثة.
وأما الدليل على العقد الإيجابي : فهو ما أشار إليه بقوله الآتي : «إلّا إنه لا يكاد يشك في صحة انتزاعها من مجرد جعله تعالى» ، ومحصله ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٧ ، ص ٢٨» ـ : عدم الإشكال في صحة انتزاع الملكية والزوجية والحرية ونحوها من مجرد جعله تعالى أو من جعل من بيده الاعتبار بإنشاء مفاهيمها ، من دون إناطتها بتكليف يصلح لانتزاعها منه ، بل توجد هذه الاعتبارات بصرف إنشائها ، كوجود الأحكام التكليفية بنفس إنشائها كإنشاء الملكية بالبيع أو الهبة وغيرهما من النواقل ، وكإنشاء الزوجية بعقد النكاح وهكذا. ومن المعلوم : أن المنشأ بالعقد وغيره نفس المفاهيم بلا دخل للحكم التكليفي.