.................................................................................................
______________________________________________________
وأما الوجه الأول من الوجوه الثلاثة التي استدل بها على العقد السلبي ، فهو ما أشار إليه بقوله : «كما تشهد به ضرورة صحة انتزاع الملكية ...» ، وهذا شروع في إثبات العقد السلبي بوجوه يستفاد منها صحة العقد الإيجابي أيضا.
وحاصل هذا الوجه الأول : أنه لو كانت الزوجية منتزعة عن التكليف للزم عدم صحة اعتبارها إلا بملاحظة ذلك التكليف ؛ كجواز النظر إلى الزوجة واللازم باطل بالضرورة ، فالملزوم مثله ؛ إذ لا شبهة في صحة اعتبار الزوجية من إنشاء مفهومها بقوله : «زوجتك فلانة» ، من دون ملاحظة جواز النظر ووجوب الإنفاق وغيرهما من الأحكام التكليفية ؛ بل ومع عدم التفاته إليها كما هو واضح وأما الملازمة فواضحة ؛ إذ المفروض أنه لا منشأ لاعتبار الزوجية إلّا التكليف فلا وجود لها بدونه.
والوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «وللزم أن لا يقع ما قصد ووقع ما لم يقصد» وحاصله : أنه ـ بناء على مجعولية الملكية مثلا بتبع التكليف ـ يلزم أن يكون المقصود غير واقع والواقع غير مقصود ؛ إذ المقصود من قوله : «بعتك داري» مثلا هو إنشاء مفهوم البيع أعني : التمليك دون التكاليف الثابتة للملك كجواز التصرف ، والمفروض : أن التمليك لا يتحقق بمجرد الجعل والإنشاء ؛ بل يتبع الأحكام ، فاللازم حينئذ أن يكون الواقع بقوله : «بعت» هو التكليف والمفروض : عدم قصده ؛ إذ المقصود هو إيجاد الملكية والمفروض عدم وقوعها ، لكونها تابعة للتكليف ، فيلزم تخلف قاعدة تبعية العقود للمقصود ، فلا محيص عن الالتزام بكون الملكية ونحوها من الأمور المجعولة أصالة لا تبعا.
وأما الوجه الثالث : فهو ما أشار إليه بقوله : «كما لا ينبغي أن يشك في عدم صحة انتزاعها عن مجرد التكليف» ، ويحتمل فيه إرادة أحد أمرين :
الأول : أنه لا يصح انتزاع الملكية مثلا من التكليف ؛ إذ قد يكون التكليف موجودا ولا يصح انتزاع الملكية منه كإباحة التصرفات في الإباحات الأصلية ، وقد لا يكون التكليف موجودا فعلا مع وجود الملكية قطعا كما في شراء الولي متاعا للمولّى عليه من الصغير أو المجنون أو السفيه ، فإن المولّى عليه يملك ، مع عدم جواز التصرف له فعلا لمحجوريته.
وكذا الزوجية ، فإنها لا تنتزع عن جواز المباشرة ونحوه من أحكامها ، ضرورة : جوازها في الأمة المملوكة والمحللة مع عدم كونها زوجة ، وبداهة : وجود الزوجية مع حرمة المباشرة كما في الصغيرة والحائض.