ولا يخفى (١) : أن الإجماع هاهنا (٢) غير حاصل (٣) ، ونقله لوهنه (٤) بلا طائل ، فإن تحصيله (٥) في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب (٦) لو لم يكن (٧) عادة
______________________________________________________
عليه ، وإلا فلا فائدة في الفحص ؛ لبقاء الشك الموجب للاحتياط وعدم ارتفاعه بالفحص.
(١) غرضه : ردّ الوجهين المزبورين ـ وهما الإجماع والعقل ـ أما الإجماع : فبأن المحصل منه على وجه يكشف عن رأي المعصوم غير حاصل ؛ إذ ليس المقام من المسائل الشرعية المحضة التي لا يتطرق إليها العقل ، فلا يجوز الاتكال على الإجماع الذي يحتمل استناد المجمعين كلهم أو جلهم فيه إلى حكم العقل. والمنقول منه لا حجية فيه ولو مع فرض حجية المحصل منه الذي لا سبيل إلى تحصيله في المسائل التي للعقل إليها سبيل.
(٢) أي : في مسألة وجوب الفحص في إجراء البراءة النقلية في الشبهات الحكمية.
(٣) فإن كثيرا من الفقهاء لم يذكروا هذه المسألة حتى يحصل الإجماع من أقوالهم.
(٤) أي : نقل الإجماع لوهن هذا النقل «بلا طائل» ، يعني بلا فائدة ، فلا يمكن الاعتماد على الإجماع المنقول في هذه المسألة.
(٥) تعليل لقوله : «غير حاصل» ، فإن تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب ، وذلك لاحتمال استناد المجمعين إلى دليل العقل لا إلى الدليل الشرعي حتى يكشف إجماعهم عن قول المعصوم ، أو دليل معتبر ، فكشف الإجماع عن دليل معتبر صعب.
(٦) خبر «فإن تحصيله» ، ووجه صعوبة تحصيل الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم ما عرفته من عدم كون المسألة من المسائل الشرعية المحضة.
(٧) يعني : لو لم يكن تحصيل الإجماع الكاشف عادة بمستحيل ؛ إذ لا طريق إلى استكشافه بعد قوة احتمال كون مستند المجمعين جلهم بل كلهم هو حكم العقل بتنجيز العلم الإجمالي المزبور.
هذا تمام الكلام في الإشكال على الإجماع.
وأما الإشكال على العقل : فبأن الكلام هنا في الشبهة البدوية دون المقرونة بالعلم الإجمالي ، ففرض العلم الإجمالي هنا أجنبي عما نحن فيه ؛ وذلك إما لانحلاله بالظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال بالعلم التفصيلي اللاحق ، وإما لعدم تنجيزه لعدم الابتلاء ببعض الأطراف ولو لغفلة المجتهد حين الاستنباط لحكم المسألة عن موارد الشبهات التي يكون