إلا إنه (١) استدل على اعتباره بالإجماع وبالعقل ، فإنه لا مجال لها بدونه ، حيث يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث (٢) لو تفحص عنه لظفر به.
______________________________________________________
إلى الشبهات الحكمية ، ولا مانع من بقاء إطلاقها بالنسبة إلى الموضوعية. وأما البراءة العقلية فظاهر المتن إناطتها بالفحص مطلقا ، سواء في الشبهات الحكمية والموضوعية ؛ وذلك لعدم استقلال العقل بالبراءة فيهما قبل الفحص.
(١) استدراك على قوله : «وإن كان هو عدم اعتبار الفحص» ، والضمير للشأن.
وغرضه : أن إطلاق أدلة البراءة النقلية وإن كان مقتضيا لعدم وجوب الفحص في جريانها في الشبهات الحكمية ؛ إلا إنه استدل على وجوب الفحص فيها وعدم جواز الأخذ بإطلاق أدلتها بوجوه :
الوجه الأول : هو الإجماع لاتفاق جميع العلماء من الشيعة والسنة على عدم جواز إجراء البراءة قبل الفحص عن مظان البيان ؛ بل عليه ضرورة الفقه.
فإنك لا تجد فقيها إذا سئل عن مسألة شرعية يفتي بالبراءة ، من دون رجوع إلى الكتاب والسنة.
قال الشيخ «قدسسره» : «الإجماع القطعي على عدم جواز العمل بأصل البراءة قبل استفراغ الوسع في الأدلة». «دروس في الرسائل ، ج ٤ ، ص ١٢٠».
الوجه الثاني : هو العقل بتقريب : أنه يعلم إجمالا بثبوت تكاليف إلزامية بين موارد الشبهات ؛ بحيث لو تفحص عنها في الأدلة لظفر بها ، فالعقل بمقتضى العلم الإجمالي يمنع عن إجراء البراءة قبل الفحص ، وقد أشار إلى الوجه الأول بقوله : «بالإجماع» ، وإلى الوجه الثاني بقوله : وبالعقل ، وقد مرّ تقريب الاستدلال بهما على وجوب الفحص ، وضمير «لها» راجع على البراءة ، وضمير «بدونه» إلى الفحص.
(٢) متعلق ب «ثبوت».
غرضه : أن اعتبار الفحص في جواز إجراء البراءة إنما يكون في مورد ترتب ثمرة على الفحص ، وهي الظفر بالحكم على فرض ثبوته واقعا ، ففي هذه الصورة لا يجوز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص ، ويجوز بعده ؛ لخروج الواقعة حينئذ عن أطراف المعلوم بالإجمال. وأما إذا لم يترتب أثر على الفحص وكان وجوده كعدمه في عدم الكشف عن الواقع ، فلا يجوز الرجوع إلى البراءة لا قبل الفحص ولا بعده ؛ بل يجب الاحتياط في الواقعة ؛ لعدم خروجها عن أطراف العلم الإجمالي ، فقوله : «بحيث لو تفحص عنه» تنبيه على أن الفحص المسوغ للرجوع إلى البراءة إنما هو فيما إذا ترتبت الثمرة المزبورة