نعم ؛ لا مجال لاستصحابه (١) لاستصحاب سببه ومنشأ انتزاعه (٢) فافهم (٣).
______________________________________________________
(١) أي : لاستصحاب ما كان مجعولا بالتبع ، وهذا استدراك على جريان الاستصحاب في المجعول التبعي ، وحاصله : أن الاستصحاب وإن لم يكن مانعا من جريانه فيه ؛ إلّا إنه لا تصل النوبة إلى جريانه فيه لوجود الأصل الحاكم ، وهو استصحاب الحكم التكليفي الذي ينتزع عنه الجزئية ونحوها.
(٢) هذا الضمير وضمير «سببه» راجعان على المجعول التبعي ، والمراد به بالسبب ومنشأ الانتزاع هو الحكم التكليفي كما عرفت آنفا.
(٣) لعله إشارة إلى جريان الاستصحاب في المجعول التبعي إذا كان للأصل الحاكم معارض يمنع عن جريانه في السبب كاستصحاب عدم وجوب الأقل نفسيا المعارض لاستصحاب عدم الأكثر كذلك ، فإنه يجري حينئذ استصحاب عدم جزئية المشكوك بلا مانع إذا فرض ترتب أثر شرعي على هذا الاستصحاب في نفسه ، وإلّا فلا ، كما إذا قلنا : إن الجزئية ونحوها من الأمور الانتزاعية ليست موضوعات للآثار ؛ لعدم قيام المصلحة بأمر انتزاعي ، وعلى هذا فيكون المجعول التبعي كالقسم الأول وهو السببية ونحوها للتكليف في عدم جريان الاستصحاب فيه.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
ويتلخص البحث في أمور :
١ ـ في التفصيل المنسوب إلى الفاضل التوني ، وهو جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية دون الأحكام التكليفية.
توضيح هذا التفصيل صحة وفسادا : يتوقف على ذكر أمور من باب المقدمة :
الأول : هو الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي مفهوما ، فلا ريب في أن مفهوم الوضع يخالف مفهوم التكليف على نحو التباين الكلي ، وأما مصداقا : فالنسبة بينهما هي عموم من وجه مادة الاجتماع كالملكية وإباحة التصرف ، ومادة الافتراق من جانب التكليف ؛ كجواز أكل الضيف من طعام المضيف.
ومادة الافتراق من جانب الوضع : كمن كان محجورا عن التصرف في ماله شرعا كالمجنون والسفيه.
الثاني : صحة تقسيم الحكم ببعض معانيه إلى التكليفي والوضعي ، والشاهد على ذلك : كثرة إطلاق الحكم على الحكم الوضعي في كلماتهم.
الثالث : أن الأحكام التكليفية محصورة في الخمسة وهي : الوجوب والحرمة