.................................................................................................
______________________________________________________
والاستحباب والكراهة والإباحة بلا خلاف أصلا ، ولكن الأحكام الوضعية ففي كونها محصورة خلاف قيل : إنها محصورة ، وقيل : إنها غير محصورة.
٢ ـ الكلام في تحقيق حال الوضع :
فيقال : إن الحكم الوضعي على ثلاثة أقسام :
منها : ما لا يقبل الجعل الشرعي أصلا لا استقلالا ولا تبعا للتكليف.
ومنها : ما يقبله تبعا للتكليف لا استقلالا.
ومنها : ما يقبل الجعل بكلا قسميه أي : استقلالا وتبعا.
والقسم الأول : كالسببية والشرطية والمانعية والرافعية.
فإن هذه الأمور أمور تكوينية توجد بأسبابها التكوينية لا بالجعل والإنشاء.
والثاني : كجزئية السورة تقبل الجعل تبعا للتكليف المتعلق بأمور منها السورة.
والثالث : كالملكية حيث تقبل الجعل بكلا قسميه ، إما استقلالا : فمثل جعل الشارع وإمضائه الملكية عند تحقق عقد.
وإما تبعا : فكانتزاع الملكية من الحكم بإباحة تصرف كل من البائع والمشتري في العوضين بعد العقد.
٣ ـ نتيجة هذه الأمور : فيقال بعد هذه الأمور من باب المقدمة : أنه لا يجري الاستصحاب في جميع أقسام الوضع ؛ بل يجري في القسم الثالث المجعول استقلالا ، ولا يجري في القسم الأول أصلا وأما في القسم الثاني وهو المجعول تبعا للتكليف فيجري الاستصحاب على ما هو ظاهر كلام المصنف.
فالحكم بجريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية مطلقا دون الأحكام التكليفية كما هو ظاهر الفاضل التوني «رحمهالله» غير سديد بل غير صحيح ؛ لما عرفت من : جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية لكونها مجعولات شرعية بلا إشكال ، فيوجد فيها ما هو المناط في جريان الاستصحاب من كون المستصحب من مجعولات شرعية ، هذا مضافا إلى : عدم جريان الاستصحاب في جميع أقسام الوضع ؛ لأن القسم الأول لا يقبل الجعل أصلا ، فكيف يجري فيه الاستصحاب؟
٤ ـ وهم ودفع ـ وحاصل الوهم : أن الملك من مقولة «الجدة» التي لا تحصل إلا بأسبابها الخاصة مثل التعمم والتقمص ونحوهما ، وله تأصل في الخارج ، فكيف قلتم : بأنه من الأمور الجعلية التي توجد بالإنشاء.