.................................................................................................
______________________________________________________
والشاهد على ذلك : كثرة إطلاق الحكم على الحكم الوضعي في كلماتهم. هذا تمام الكلام في الأمر الثاني.
والأمر الثالث : في حصر الأحكام الوضعية وعدم حصرها. وهذا ما أشار إليه بقوله : «لا وقع للنزاع في أنه محصورا في أمور مخصوصة».
وحاصل الكلام في هذا الأمر الثالث : أن الأحكام التكليفية محصورة في الخمسة وهي : الوجوب والحرمة والندب والكراهة والإباحة.
وأما الأحكام الوضعية فقيل : إنها محصورة في أمور مخصوصة كالشرطية والسببية والمانعية كما هو المحكي عن العلامة ، أو مع زيادة العلية والعلاميّة كما هو مع الإباحة المحكي عن الشهيد الثاني ، أو مع زيادة الصحة والبطلان والعزيمة والرخصة كما هو المحكي عن الآمدي ، أو زيادة غير ذلك. وقيل : إنها غير محصورة كما هو ظاهر المصنف «قدسسره».
وبعد ذكر هذه الأمور من باب المقدمة شرع المصنف في تحقيق الحكم الوضعي.
وحاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» : أن الحكم الوضعي على أقسام ثلاثة :
أحدها : ما لا يقبل الجعل الشرعي أصلا ؛ لا استقلالا ولا تبعا.
ثانيها : ما يقبله تبعا للتكليف ولا يقبله أصالة واستقلالا.
ثالثها : ما يقبل كلا من الجعل الاستقلالي والتبعي.
هذا مجمل الكلام.
وأما تفصيل الكلام في كل واحد من الأقسام فيقال : إن معنى ما لا يقبل الجعل الشرعي استقلالا : بأن يجعله الشارع ابتداء. «ولا تبعا» بأن يجعل شيئا آخر فينجعل هذا بتبع ذاك ، كما يقال : إن الزوجية مجعولة ـ تكوينا ـ تبعا بمعنى : أن الجاعل والمكوّن يجعل ويوجد الأربعة ، فتوجد الزوجية بتبعها. هذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «وإن كان مجعولا تكوينا عرضا بعين جعل موضوعه كذلك» أي : تكوينا.
وهذا القسم من الحكم الوضعي عبارة عن السببية والشرطية والمانعية والرافعية لما يكون سببا وشرطا ومانعا ورافعا لأصل التكليف ، كعلية الدلوك لإيجاب الشارع الصلاة عنده ، فإن كون الدلوك سببا لوجوب الصلاة ليس بجعل تشريعي استقلالي ولا تبعي ، وإنما هو لأن الشارع كوّن وأوجد فيه خصوصية سببت تلك الخصوصية المجعولة فيه