.................................................................................................
______________________________________________________
في المأمورية شيء عدما تنتزع منه المانعية ، ويقال : «إن أجزاء غير مأكول اللحم مانعة من الصلاة».
ويظهر من الشيخ الأنصاري «قدسسره» : أن جميع الأحكام الوضعية منتزعة من الأحكام التكليفية لا أنها مستقلات.
ويرد عليه : أن الصبي إذا لم يكن عليه أحكام تكليفية فكيف يكون عليه حكم وضعي؟ حيث يجوز تزويجه وتملكه ، وليست الأحكام الوضعية مرفوعة عنه ؛ لأن رفع القلم عنه محمول على الأحكام التكليفية.
وخلاصة الكلام : أن بين مفهوم التكليف والوضع تباين كلي ، وأما بين مصداقهما فالنسبة هي عموم من وجه مادة الاجتماع كأكثر الموارد كالملكية وإباحة التصرف ، ومادة الافتراق من جانب التكليف كجواز أكل الضيف من طعام المضيف مع أنه ليس مالكا. ومادة الافتراق من جانب الوضع كمن كان محجورا عن التصرف في ماله شرعا ، فلا يجوز له التصرف مع كونه مالكا.
هذا تمام الكلام في الأمر الأول ، وهذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «لا إشكال في اختلاف التكليف والوضع مفهوما».
والأمر الثاني : ما أشار إليه بقوله : «كما لا ينبغي النزاع في صحة تقسيم الحكم إلى التكليفي والوضعي».
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن للحكم الشرعي معان ولا يصح تقسيمه إلى التكليفي والوضعي بجميع ما له من المعاني ؛ بل ببعض المعاني دون البعض ، فإن الحكم بمعنى ما هو المجعول اقتضائيا أو تخييريا لا يطلق على الحكم الوضعي ، فلا يصح تقسيمه إلى التكليفي والوضعي ؛ لأن المراد بالاقتضائي : ما يكون له اقتضاء الفعل كالوجوب والندب أو الترك كالحرمة والكراهة فيشمل الوجوب والندب والحرمة والكراهة. والمراد بالتخييري : ما ليس له اقتضاء للفعل أو الترك وهي المباحات ، والحكم بهذا المعنى لا يصح تقسيمه إلى التكليفي والوضعي ، فإنه لا يطلق على الحكم الوضعي.
نعم ؛ الحكم الشرعي بمعنى ما يؤخذ من الشارع بما هو شارع وما جعله الشارع تأسيسا أو إمضاء يصح تقسيمه إلى التكليفي والوضعي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا ينبغي النزاع في صحة تقسيم الحكم الشرعي ببعض معانيه على التكليفي والوضعي.