.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيح ما أفاده الشيخ لإثبات المقتضي للقول بالاختصاص يتوقف على مقدمة وهي : أن معنى النقض الحقيقي هو رفع الهيئة الاتصالية الحسية الحاصلة في الأشياء ، وإبانة أجزائها كنقض الحبل والغزل ونحوهما مما يكون له هيئة اتصالية حسية ، ومنه قوله تعالى : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً)(١).
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه إذا تعذر حمله على المعنى الحقيقي فلا بد من حمله على أقرب المجازات ، ويدور الأمر في المقام بين إرادة أحد معنيين مجازيين :
الأول : رفع اليد عن الشيء الثابت مع وجود المقتضي لبقائه لو لا عروض المزيل كالطهارة والزوجية الدائمة.
الثاني : رفع اليد عن مطلق اليقين ؛ وإن لم يكن في متعلقه استعداد الاستمرار ، كاليقين بالزوجية المنقطعة أو بإضاءة السراج إلى ساعتين لقلة زيته.
ومن المعلوم : أن الأقرب إلى المعنى الحقيقي هو الأول أعني : الأمر الثابت الذي فيه اقتضاء البقاء في عمود الزمان ، فكأنه «عليهالسلام» قال : «لا ترفع اليد عن المتيقن الثابت القابل للاستمرار بالشك في بقائه».
وجه الأقربية : ما تقرر من أن الجملة المشتملة على فعل إذا تعلق به شيء وتعذر الأخذ بمدلول كليهما معا قدم ظهور الفعل على ظهور متعلقة ؛ كما إذا قال المولى : «لا تضرب أحدا» ، فإن ظهور الضرب في الضرب المؤلم حاكم على إطلاق «أحد» الشامل للأحياء والأموات ، وتكون خصوصية الفعل منشأ لتخصيص «أحد» بالأحياء ، ولا يصير عموم المتعلق قرينة على تعميم الضرب لغير الأحياء.
وفي المقام حيث كان إرادة رفع اليد عما من شأنه البقاء أقرب إلى معنى «النقض» الحقيقي ، فلذا يتصرف في عموم المتعلق أعني : «اليقين» ، ويخصص بما فيه استعداد البقاء ، وعليه : فيتم المطلوب وهو اختصاص الاستصحاب بالشك في الرافع.
وتحصل : أن المنقوض في أخبار الاستصحاب لا بد أن يكون مما يقتضي البقاء ؛ بحيث يكون الشك في بقائه مستندا إلى الشك في وجود الرافع كالنوم وسائر النواقض المعهودة للوضوء. هذا توضيح مرام الشيخ «قدسسره».
وأورد عليه المصنف : بالبحث تارة : في مدلول مادة «النقض» ، وأخرى : في هيئة «لا تنقض».
__________________
(١) النحل : ٩٢.