والزوجية والملكية ، إلى غير ذلك حيث إنها وإن كان من الممكن (١) انتزاعها من الأحكام التكليفية التي تكون في مواردها ـ كما قيل ـ ومن (٢) جعلها بإنشاء أنفسها ؛ إلّا (٣) إنه لا يكاد يشك في صحة انتزاعها من مجرد جعله تعالى أو من بيده الأمر (٤)
______________________________________________________
الثاني : أن هذه الاعتبارات كالزوجية والملكية ونحوهما قد أخذت في الخطابات الشرعية موضوعات لأحكام كوجوب الإنفاق على الزوجية وحرمة التصرف في مال الغير بدون إذنه ونحو ذلك ، ومن المعلوم : أن الموضوع مقدم على الحكم رتبة ، فإذا فرض تبعيته له لزم الدور ، لترتب الزوجية حينئذ على الحكم لانتزاعها عنه ، وتقدمها على الحكم ؛ لكونها موضوعا له.
والفرق بين هذين الوجهين ظاهر ، فإن الأول منهما ناظر إلى امتناع الانتزاع في بعض الموارد ، فالدليل أخص من المدعى ، وهو كاف في منع دعوى الانتزاع كلية ، والثاني ناظر إلى امتناع الانتزاع بالمرة لمحذور الدور الذي عرفته ، فإنه برهان على استحالة الانتزاع عقلا حتى في مورد واحد ؛ إذ لا معنى لانتزاع الملزوم من لازمه المتأخر عنه.
وتعبير المصنف ب «عدم صحة انتزاعها» وإن كان أوفق بالتقريب الثاني ؛ لأنه يمنع الانتزاع كلية إلّا إن إرادة التقريب الأول لعلها أقرب إلى مقصود المصنف ، لإمكان تقريب الانتزاع بوجه لا يترتب عليه محذور الدور ، وذلك بعدم انتزاع الملكية والزوجية من مطلق الأحكام التكليفية المتأخرة عن نفسها رتبة ؛ بل أراد حكم خاص وهو ما أفاده في حاشية الرسائل بقوله : «معنى ما ذكرنا أنه يصح انتزاعه من الآثار التكليفية للمورد بما فيه من الخصوصيات المقتضية لها ، لا عما اعتبر آثارا له منها كي يستلزم انتزاع الملزوم عن لازمه المساوق لتقدم المعلول على علته» كما في «منتهى الدراية ، ج ٧ ، ص ٢٨٣».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) أي : ومن المحتمل وإن كان هذا الاحتمال ضعيفا كما أشار إليه بقوله : «كما قيل» ، وفي هذا تعريض بما تقدم عن الشيخ «قدسسره» من انتزاع الوضع من التكليف حتى مثل ضمان الصبي لما أتلفه مع عدم مخاطبته بوجوب الأداء فعلا.
(٢) عطف على «من الأحكام» ، وضمائر «أنها ، جعلها ، أنفسها ، انتزاعها» راجعة على المذكورات من الحجية وما تلاها.
(٣) هذا شروع في إثبات العقد الإيجابي ، وقد تقدم توضيح ذلك.
(٤) وهو النفس المقدسة النبوية والولوية «صلوات الله وسلامه عليهما».