بالاشتراك بينه (١) وبين الاختصاص الخاص والإضافة الخاصة الإشراقية كملكه تعالى للعالم ، أو المقولية (٢) كملك غيره تعالى لشيء بسبب من تصرف واستعمال أو إرث أو عقد أو غيرهما من الأعمال (٣) ، فيكون (٤) شيء ملكا لأحد بمعنى ، ولآخر بالمعنى الآخر ، فتدبر.
إذا عرفت اختلاف الوضع في الجعل (٥) ، فقد عرفت أنه لا مجال لاستصحاب
______________________________________________________
(١) يعني : بين الملك المقولي وبين الإضافة الخاصة الحاصلة بإحدى الموجبات المذكورة ، والأولى أن يقال : «بينهما» لرجوع الضمير إلى مقولة الجدة حقيقة.
(٢) عطف على : «الإشراقية» وهي في غيره تعالى.
(٣) الموجبة للملكية الاختيارية أو الاضطرارية ، وقد تقدم تفصيل ذلك.
(٤) هذا متفرع على اختلاف معنى الملك وتعدده ، فإن ملكية العين التي استولى الغاصب عليها متصرفا فيها تصرفا خارجيا تكون بمعنى الجدة ؛ لأنها ـ كما تقدم ـ هي الهيئة الخاصة الحاصلة من إحاطة شيء بشيء كالعمامة والقميص المحيطين بالبدن ، وملكية تلك العين كالعمامة لمالكها الشرعي تكون بمعنى الاختصاص الذي هو إضافة مقولية.
«فتدبر» لعله إشارة على منع كون الملك مشتركا لفظيا بين الجدة والاختصاص الذي هو من الإضافة الإشراقية أو المقولية لإمكان أن يقال : إن الملك بمعنى الاختصاص القابل للإنشاء هو الملك بمعنى الجدة.
غاية الأمر : أن الملك الإنشائي هو الجدة ادعاء فتدبر.
أو إشارة إلى الإشكال في أصل المطلب وأن الملك ونحوه من الأحكام الوضعية ليست هي في الحقيقة أشياء في مقابل الأحكام التكليفية ، وإنما هي عبارة مجملة من عدة من الأحكام التكليفية. وفي المقام كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(٥) يعني : إذا عرفت أن قسما منه غير قابل للجعل الشرعي لا أصالة ولا تبعا ؛ بل هو أمر تكويني ذاتي كالسببية وغيرها من أجزاء علة التكليف وقسما منه ليس إلّا مجعولا بتبع التكليف وهو الجزئية وغيرها مما يكون دخيلا في متعلق التكليف ، وقسما منه مجعول بالاستقلال ، تعرف حال التفصيل المنسوب إلى الفاضل التوني «رحمهالله» في اعتبار الاستصحاب بين التكليف والوضع بجريانه في الثاني دون الأول ، حيث إن القسم الأول من الوضع لا يجري فيه الاستصحاب أصلا لعدم كونه حكما شرعيا ولا موضوعا له. ومجرد ترتب الحكم الشرعي كوجوب الصلاة على السبب كالدلوك لا يصحح جريان الاستصحاب في السببية ؛ إذ ليس ترتب الحكم الشرعي على سببه شرعيا