وليس مفادها (١) حكم العمل بلا واسطة ، وإن كان ينتهي إليه ، كيف (٢)؟ وربما لا
______________________________________________________
(١) الظاهر رجوع الضمير إلى الاستصحاب ، فالأولى تذكيره ، وكذا ضمير «فيها» ، ويحتمل قويا رجوعهما إلى «حجيته» ، أو إلى المسألة الأصولية ، وهذا إشارة إلى ما اشتهر بينهم من تعريف الحكم الفرعي كما في القوانين (١) وغيره (٢) : بأنه ما يتعلق بالعمل بلا واسطة كوجوب الصلاة والحج وغيرهما.
ومقصود المصنف من هذه العبارة : بيان وجه عدم كون الاستصحاب من المسائل الفرعية ؛ لأن الحكم الفرعي ـ على هذا ـ لا بد أن يتعلق بعمل المكلف بلا واسطة ، وليس الاستصحاب كذلك ؛ لأن حقيقة الاستصحاب «الحكم ببقاء ما علم سابقا من حكم أو موضوع» ، سواء كان دليله النقل من النص أو الإجماع أم العقل ، ومن المعلوم : أن «الحكم ببقاء» يعم الحكم الفرعي كالوجوب ، والوضعي كحجية رأي الميت بقاء ، فلو كان مفاد الاستصحاب حكما فرعيا لما جرى في الأحكام الأصولية كالحجية.
وإن شئت فقل : إن الاستصحاب هو جعل الملازمة بين الحدوث والبقاء ، من غير فرق بين كون الجعل الشرعي تأسيسيا كما إذا كان دليله النص أو الإجماع ، وبين كونه إمضائيا كما إذا كان دليله العقل ، أو بناء العقلاء ، فإنه ما لم يثبت هذا التلازم لا يمكن الحكم بنجاسة الماء المتغير الزائل تغيره من قبل نفسه مثلا. وضمير «إليه» راجع على العمل.
(٢) غرضه : إقامة الشاهد على أصولية المسألة يعني : كيف لا يكون الاستصحاب مسألة أصولية؟ والحال أنه قد يكون مجراه خصوص المسألة الأصولية؟ كاستصحاب حجية رأي الميت على ما يستدل به القائل بجواز البقاء على تقليد الميت ، فلو لم يكن الاستصحاب مسألة أصولية لما جرى في الحجية التي هي حكم أصولي ، والظاهر : أن كلامه هنا لا يخلو من تعريض بما أفاده الشيخ «قدسسره» في الأمر الثالث الذي عقده للبحث عن أصولية المسألة ، بناء على كلا القولين من كونه أمارة ظنية وأصلا عمليا ، قال : «إن مسألة الاستصحاب ـ على القول بكونه من الأحكام العقلية ـ مسألة أصولية يبحث فيها عن كون الشيء دليلا على الحكم الشرعي نظير حجية القياس والاستقراء» ، إلى أن قال : «وأما بناء على القول بكونه من الأصول العملية ففي كونه من المسائل
__________________
(١) قوانين الأصول : ٥.
(٢) هداية المسترشدين ١ : ٦٠ ، الفصول الغروية : ٣ ، تعليقة على معالم الأصول ١ : ٦٦.