القضية المشكوكة والمتيقنة بحسب الموضوع والمحمول (١) ، وهذا (٢) مما لا غبار عليه في الموضوعات الخارجية في الجملة.
______________________________________________________
ثم إن محمول القضية قد يكون من المحمولات الأولية كالوجود والعدم وغيرهما ، كقولنا : «زيد عادل أو شجاع» ، وعلى التقديرين : يكون المحمول تارة : وجوديا ، وأخرى : عدميا ، فالصور أربع ، ولا فرق في شرطية اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة بين هذه الصور.
والحاصل : أنه لا إشكال في اعتبار وحدة القضيتين المتيقنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا في جريان الاستصحاب ، سواء كان المستصحب من الموضوعات الخارجية كحياة زيد ورطوبة الثوب وغير ذلك ، أم من الأحكام الشرعية كوجوب صلاة الجمعة ونجاسة الماء المتغير بالنجاسة إذا زال تغيره بغير الاتصال بالعاصم من الكرّ أو الجاري.
(١) كما عرفت في الأمثلة المتقدمة ، فمثل : «زيد عادل» قضية متيقنة فيما مضى كأمس ومشكوكة فعلا.
(٢) يعني : أن اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة مما لا غبار عليه في استصحاب غالب الموضوعات من القارة والتدريجية.
أما القارة ـ وهي التي تجتمع أجزاؤها في سلسلة الزمان من الجواهر كالحيوان والنبات ، والأعراض كالسواد والبياض ، والعلم والعدالة والفسق ، والغنى والفقر ، والحدث والخبث ، وحياة زيد وغير ذلك من الأمور الخارجية ، فإن موضوعاتها أعني : النفس والبدن وماهية زيد التي يعرض عليها الوجود تارة والعدم أخرى ـ فيمكن للعرف إحرازه ، فلا مانع من استصحاب العدالة والطهارة والحياة وغيرها في الأمور القارة.
وأما غير القارة من الأمور التدريجية ـ كالزمان وبعض الزمانيات ؛ كالماء النابع من العين والدم الخارج من عرق خاص ـ فإنه وإن أشكل فيها بعدم بقاء الموضوع لتقومها بالتصرم والتجدد ؛ لكن الحق جريان الاستصحاب فيها كما أفاده المصنف في التنبيه الرابع وفي حاشيته على الرسائل ، فإنها وإن لم تكن مجتمعة الأجزاء بحسب الوجود لتصرمها ، إلا إن وحدتها حقيقة لا تنثلم بذلك ما دامت الأجزاء متصلة لم يتخلل العدم بينها ، فلذا يجوز استصحاب الليل والنهار وجريان الماء من منبعه وغير ذلك.
نعم ؛ لا يجري الاستصحاب في بعض الموضوعات الخارجية التي لا يصدق فيها بقاء الموضوع عرفا ، كما إذا كان الماء أكثر من خمسين شبرا مثلا وهو أزيد من الكر على مذهب المشهور ، فأخذ منه مقدار يشك العرف معه في بقاء الموضوع وهو الكرّ البالغ