وأما الأحكام الشرعية سواء كان مدركها العقل (١) أم النقل (٢) فيشكل حصوله (٣) فيها ؛ لأنه (٤) لا يكاد يشك في بقاء الحكم إلا من جهة الشك في بقاء
______________________________________________________
ثلاثا وأربعين شبرا إلا ثمن شبر ، فإنه لا يمكن الإشارة إلى ما بقى من الماء بأن يقال : «كان هذا كرّا والآن كما كان» ؛ لفرض أن الكرّ كان الماء قبل نقص مقدار منه. وكذا الكلام في استصحاب القلة إذا أضيف إلى الماء مقدار يحتمل بلوغه حدّ الكثرة ، ونظيرهما استصحاب الاستطاعة المالية في أول عامها إذا كان المال وافيا بمئونة الحج ثم صرف مقدارا منه بحيث يشك في وفاء الباقي بها ، فإنه لا يجري استصحاب الموضوع أعني : الاستطاعة.
التقييد بقوله : «في الجملة» لإخراج ما إذا شك العرف في بقاء الموضوع وانثلام وحدته ، وقد عرفته بقولنا : «نعم ؛ لا يجري الاستصحاب ...».
(١) كحكم العقل بقبح الكذب الضار بالمؤمن الذي هو مستند حرمته الشرعية.
(٢) كالكتاب والسنة اللذين يستند إليهما أكثر الأحكام الشرعية. وكيف كان ؛ فغرضه من قوله : «وأما الأحكام الشرعية» : أن الشرط المزبور ـ أعني : وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ـ يشكل إحرازه في استصحاب الأحكام الشرعية.
وحاصل وجه الإشكال : أن الشك في بقاء الحكم الشرعي ـ في غير النسخ ـ لا ينشأ إلا من جهة زوال وصف من أوصاف الموضوع مما يحتمل دخله فيه ، أو وجود ما يحتمل أن يكون لعدمه من دخل في الموضوع ، ومعه يرجع الشك في بقاء الحكم إلى الشك في بقاء موضوعه ، فلا يحرز بقاء الموضوع حتى يصح استصحاب الحكم ، مثلا : إذا ثبتت النجاسة للماء المتغير بوصف التغير ، ووجوب صلاة الجمعة في زمان حضور الإمام «عليهالسلام» ، ثم زال تغير الماء بنفسه أو بعلاج ، وكذا إذا غاب الإمام «عليهالسلام» ، فإن الشك في بقاء النجاسة ووجوب صلاة الجمعة حينئذ يستند إلى الشك في بقاء الموضوع ؛ لاحتمال دخل التغير والحضور في موضوع النجاسة والوجوب ، فلا يحرز وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ، هذا.
ولا يخفى : أن ما أفاده المصنف بقوله : «وأما الأحكام الشرعية ...» الخ. إشارة إلى أحد تفاصيل الاستصحاب أعني : التفصيل بين الشبهات الحكمية الكلية والموضوعات الجزئية ، وحكاه الشيخ عن الأمين الاسترابادي ، وسيأتي نقل كلامه.
(٣) أي : حصول اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة في الأحكام الشرعية.
(٤) تعليل لقوله : فيشكل ، وقد عرفت تقريبه ، قال الأمين الاسترابادي فيما حكاه عنه