موردها ، فلا (١) ينتزع الملكية عن إباحة التصرفات ، ولا الزوجية عن جواز الوطء ، وهكذا سائر الاعتبارات في أبواب العقود والإيقاعات (٢).
فانقدح بذلك (٣) : أن مثل هذه الاعتبارات إنما تكون مجعولة بنفسها يصح انتزاعها بمجرد إنشائها (٤) كالتكليف ، لا مجعولة بتبعه ومنتزعة عنه.
وهم ودفع : أمّا الوهم (٥) فهو : أن الملكية كيف جعلت من الاعتبارات الحاصلة
______________________________________________________
(١) متفرع على عدم صحة انتزاع القسم الثالث من الأمور الوضعية عن التكاليف.
(٢) فلا ينتزع الضمان من وجوب الغرامة بدفع بدل التالف ، ولا الحجية من وجوب العمل بقول الثقة أو العادل أو المفتي ، ولا البينونة في الطلاق من وجوب الاعتداد ، وهكذا والوجه في ذلك كله هو انفكاك الوضع عن التكليف ، وعدم استلزام التكليف له دائما.
(٣) أي : بما ذكرناه من الوجوه الثلاثة الدالة على بطلان انتزاع هذه الأحكام الوضعية من التكاليف في مواردها ، وقوله : «فانقدح» نتيجة تلك الوجوه الثلاثة ، حيث إن مقتضاها كون الاعتبارات المزبورة مجعولة بالاستقلال.
(٤) هذا هو المراد بجعلها استقلالا وأصالة في قبال انتزاعها من التكليف. وضميرا «بتبعه ، عنه» راجعان على «التكليف».
(٥) أما الوهم : فهو إشكال على جعل الملكية من الاعتباريات القابلة للجعل أصالة كالحجية والقضاوة والولاية ونحوها.
فيقال في تقريب الإشكال والوهم : إن عدّ الملكية من الاعتبارات القابلة للجعل غير سديد بل غير صحيح ؛ وذلك لأن الملكية من مقولة الجدة التي يكون لها ما يحاذيها في الخارج ، فهي من المقولات المحمولات بالضميمة يعني : أنها توجد في الخارج كالهيئة الحاصلة من التعمم ونحوها ؛ ومن المعلوم : أن الملكية التي لها ما يحاذيها في الخارج أجنبية عن الملكية المجعولة بالإنشاء التي لا تكون إلا محض الاعتبار ولا وجود لها في الخارج ، ولا ريب في أن الموجود الخارجي التكويني لا يوجد بالأمر الاعتباري ؛ بل بالسبب التكويني كالتعمم.
والحاصل : أن الملكية لا توجد بصرف الإنشاء ، لأنها متأصلة والمتأصل لا يقبل الجعل الاعتباري فينبغي إخراج الملكية عن هذا السنخ من الأمور الوضعية.
وأما الدفع فتوضيحه يتوقف على مقدمة وهي أن الملك مشترك بين معنيين أحدهما : هي المقولة التي يعبر عنها بالجدة وهي من المقولات التسع ، وثانيهما : هي الإضافة التي