وانتفاء (١) حليته ، فإنه (٢) قضية نحو ثبوتهما كان (٣) بدليلهما أو بدليل الاستصحاب كما لا يخفى بأدنى التفات على ذوي الألباب ، فالتفت ولا تغفل.
______________________________________________________
(١) معطوف على «حرمته» التي هي خبر «فقضية». وضمائر «حليته ، غليانه ، حليته» راجعة إلى العصير ، و «بعد غليانه» قيد لفعلية حرمته.
(٢) يعني : أن ما ذكر من ثبوت الحرمة الفعلية وانتفاء الحلية المغياة هو مقتضى كيفية جعل الحكمين ؛ إذ لازم شرطية الغليان للحرمة وغائيته للحلية هو ذلك ، وهذا إشارة إلى جواب الوجه الثالث ، ومحصله.
أن اللوازم على قسمين :
أحدهما : لوازم الشيء بوجوده الواقعي كحكم العقل بضدية الأضداد الوجودية للصلاة واستحالة اجتماعها معها كضدية النوم والأكل مثلا للصلاة ، فإن الصلاة بوجودها الواقعي مضادة لهما.
ثانيهما : لوازم الشيء بمطلق وجوده من الواقعي والظاهري ؛ كحكم العقل بلزوم الامتثال للتكليف الثابت ولو بأمارة غير علمية أو أصل ، ووجوب المقدمة وحرمة الضد بناء على كونهما من الأحكام العقلية.
فإن كانت اللوازم العقلية من قبيل القسم الأول لم يكن الأصل الجاري في الملزوم مثبتا لها إلّا على القول بحجية الأصل المثبت.
وإن كانت من قبيل القسم الثاني كان الأصل الجاري في ملزوماتها مثبتا لها بلا إشكال ، والحرمة الفعلية المذكورة وإن كانت من اللوازم العقلية ، لكنها من القسم الثاني الثابت لما هو أعم من الواقع والظاهر ، فتترتب على الحرمة المعلقة بالغليان مطلقا ، من غير فرق بين ثبوتها بالدليل كقوله : «ماء العنب إذا غلى يحرم» ، أو بالأصل كاستصحاب حرمته المعلقة بعد صيرورته زبيبا ، وسيأتي التفصيل إن شاء الله تعالى في الأصل المثبت.
(٣) يعني : سواء كان ثبوت الحكمين ـ اللذين أحدهما مشروط والآخر مغيّا ـ بدليل اجتهادي أم أصل عملي كالاستصحاب.
وغرضه : الإشارة إلى كون الحرمة الفعلية من اللوازم العقلية لمطلق وجود الحرمة المعلقة أي : الأعم من الوجود الواقعي والظاهري فلا مانع من ترتبها على الحرمة المعلقة ، الثابتة بالدليل الاجتهادي كما عرفت غير مرة.
وهناك تطويل في الكلام تركناه رعاية للاختصار.