القرب عند المولى وهذا لا يتوقّف على الأمر.
وبيان ذلك أنّ الفعل الواقع في الخارج على قسمين :
أحدهما : ما ليس للقصد دخل في تحقّقه بل لو صدر من الغافل لصدق عليه عنوان.
والثاني : ما يكون قوامه في الخارج بالقصد كالتعظيم والإهانة وأمثالهما وأيضا لا إشكال في أنّ تعظيم من له أهليّة ذلك بما هو أهل له وكذا شكره ومدحه بما يليق به حسن عقلا ومقرّب بالذات ولا يحتاج في تحقّق القرب إلى وجود أمر بهذه العناوين. نعم قد يشكّ في أنّ التعظيم المناسب له أو المدح اللائق بشأنه ما ذا؟
وقد يتخيّل كون عمل خاصّ تعظيما له أو أنّ القول الكذائيّ مدح له والواقع ليس كذلك بل هذا الذي يعتقده تعظيما له توهين له. وهذا الذي اعتقده مدحا ذمّ بالنسبة إلى مقامه.
إذا تمهّد هذا ؛ فنقول :
لا إشكال في أنّ ذوات الأفعال والأفعال الصلاتيّة مثلا من دون إضافة قصد إليها ليست محبوبة ولا مجزية قطعا ولكن من الممكن كون صدور هذه الهيئة المركّبة من الحمد والثناء والتسبيح والتهليل والدعاء والخضوع والخشوع مثلا مقرونة بقصد نفس هذه العناوين محبوبا للآمر. غاية الأمر أنّ الإنسان لقصور إدراكه لا يدرك أنّ صدور هذه الهيئة منه بهذه العناوين مناسب بمقام البارئ عزّ شأنه ويكون التفاته موقوفا على إعلام الله سبحانه. فلو فرض تماميّة العقل واحتوائه بجميع الخصوصيّات والجهات لم يحتج إلى إعلام الشرع أصلا.
والحاصل أنّ العبادة عبارة عن إظهار عظمة المولى والشكر على نعمائه وثنائه بما يستحقّ ويليق به ومن الواضح أنّ محقّقات هذه العناوين مختلفة بالنسبة إلى الموارد.