المقدّمات تردّدت المادّة المبهمة في الأمر بين اللابشرط وبشرط لا وبشرط شيء ومقتضى الحكم العقليّ هو كفاية أحدها فلا يفيد المقصود وعليه فالحاجة إلى المقدّمات في تعيين اللابشرط من بين سائر الاعتبارات وهكذا في تعيين البدليّ من اللابشرط من الساري واضحة فلا يكفي فيه تعلّق الهيئة بالمادّة المبهمة.
نعم لا حاجة كما أفاد وأجاد إلى المقدّمات في جانب النهي ولكن ليس بين العموم المستفاد من وقوع الماهيّة في حيّز النفي وبين دليل خارجيّ يدلّ على خروج بعض الأفراد تعارض حتّى يحتاج فيه إلى التعادل والتراجيح لأنّ مع الجمع الدلاليّ لا مجال للتعارض والأخبار العلاجيّة جارية في المتعارضين فلا تغفل.
نعم يمكن أن يقال إنّ وجه اختلاف الأمر والنهي في كيفيّة الامتثال هو كثرة الاستعمال فإنّ صيغة الأمر تكون ظاهرة في مطلوبيّة الطبيعة بصرف وجودها بسبب كثرة استعمالها فيها بخلاف صيغة النهي فإنّها ظاهرة في مبغوضيّة الطبيعة بجميع أفرادها لا حكم العقل أو مقدّمات الحكمة وسيأتي تتمّة الكلام في المقصد الثاني.
وكيف كان فتحصّل ممّا ذكر أنّ إفادة النواهي للاستغراق والسريان مع كون المادّة فيها ماهيّة مهملة من جهة كثرة الاستعمال أو من جهة وقوع الماهيّة المهملة في حيّز النفي وعلى كلّ تقدير لا حاجة فيه إلى إجراء مقدّمات الحكمة.
ثمّ لا فرق فيما ذكر بين كون النواهي للتحريم أو للتنزيه كما لا فرق في ذلك بين كون الجملة إنشائيّة أو خبريّة أو كون المنفي هو الجملة أو المصدر كقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(١). فلا تغفل.
__________________
(١) البقرة / ١٩٧.