ربّما استدلّ لذلك بالاستعمالات الواردة في الكتاب والسنّة. كقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١). حيث أنّ الحذر عن المخالفة لا يناسب إلّا مع الوجوب والإلزام. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة» (٢) حيث نفى الأمر مع ثبوت الاستحباب وهو لا يكون إلّا لدلالة الأمر على الوجوب والإلزام.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قصّة بريرة حيث كانت أمة لعائشة وزوجها كان عبدا ثمّ اعتقتها عائشة فلمّا علمت بريرة بخيارها في نكاحها بعد العتق أرادت مفارقة زوجها فاشتكى الزوج إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لبريرة : ارجعي إلى زوجك فإنّه أبو ولدك وله عليك منّة. فقالت يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتأمرني بذلك؟ فقال : لا إنّما أنا شافع. بتقريب الاستدلال به أنّ نفيه صلىاللهعليهوآلهوسلم للأمر دليل على كونه للوجوب. ولذا قالت بريرة له صلىاللهعليهوآلهوسلم أتأمرني يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك. إذ لو لم تكن دلالة الأمر على الوجوب مركوزة في الأذهان لم يكن وجه لسؤالها منه. هذا.
ولكن أورد عليه في الفصول بأنّ استعمال الأمر في هذه الموارد في الإيجاب لا يوجب أن يكون موضوعا له بخصوصه بل يكفي ظهوره فيه عند الإطلاق مع أنّ مجرّد الاستعمال لا يقتضي الحقيقة. (٣)
وتبعه في الكفاية ولذا عبّر عن تلك الموارد بالمؤيّدات. (٤)
قال استاذنا المحقّق الداماد قدسسره بعد قبول الإيراد في بعض الموارد المذكورة معلّلا
__________________
(١) سورة النور / ٦٣.
(٢) علل الشرائع ١ / ٢٩٣.
(٣) الفصول / ٥٣ الطبع القديم.
(٤) الكفاية ١ / ٩٢.