فمطلوبيّة الاختياريّ محرزة وإنّما الكلام في أنّه متعيّن أو هو مطلوب مع عدله وهو الاضطراريّ فيدور الشكّ بين التعيين والتخيير فيحكم العقل بعدم جواز العدول إلى المشكوك بعد العلم بأصل التكليف كما لا يخفى.
وحيث كان الوقت الموسّع أمرا واحدا فلا وجه لابتناء المسألة على القول بتنجيز العلم الإجماليّ في التدريجيّات لأنّ الوقت الموسّع عدّ وقتا واحدا لا أوقات متعدّدة متدرّجة.
هذا مضافا إلى أنّ التحقيق في التدريجيّات هو تنجيز التكليف وحرمة مخالفته بالعلم به فيها. إذ لا فرق لدى العقل بين حرمة مخالفة المولى قطعا أو احتمالا في ارتكاب الأطراف المحقّقة فعلا أو في ارتكاب الأطراف التدريجيّة فلو علم بوجوب شيء أو بحرمة شيء عليه إمّا في الحال أو في زمان مستقبل يحكم العقل بوجوب إتيانها أو تركها في كلا الحالين لتنجيز التكليف الواقعيّ عليه بالعلم به. (١)
لا يقال : إنّ المقام يلحق بالأقلّ والأكثر لأنّ تعلّق التكليف بالجامع بين الاضطراريّ والاختياريّ معلوم وإنّما الشكّ في خصوصيّة الاختياريّ فتجري فيها البراءة كما تجري في الأكثر البراءة. (٢)
لأنّا نقول : إنّ المعلوم أصل التكليف وأمّا متعلّقه فهو مردّد بين كونه هو الجامع حتّى يفيد التخيير وبين خصوص الاختياريّ حتّى يفيد التعيين وعليه فالجامع طرف الترديد ولا يكون تعلّق التكليف به معلوما فلا يقاس بالأقلّ والأكثر حتّى تجري البراءة في خصوصيّة الاختياريّ فالأمر يدور بين التعيين والتخيير والحكم فيه كما عرفت هو عدم جواز الاقتصار على الاضطراريّ فلا تغفل.
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول ٢ / ٢٧١.
(٢) راجع المحاضرات ٢ / ٢٤٨.