الاحتمال الأوّل أي الحكومة والتوسعة الواقعيّة للأحكام بل لا يعقل في أكثر الموارد إلّا المعنى الأوّل إلّا أنّه في موارد أخذ الشكّ في موضوع التنزيل كما يحتمل المعنى الأوّل يعقل المعنى الثاني أيضا وحينئذ إن لم نستظهر من نفس أخذ الشكّ والتحيّر في لسان التنزيل إرادة المعنى الثاني ولو بحسب مناسبات الحكم والموضوع العرفيّة الارتكازيّة فلا أقلّ من الإجمال المنافي لإمكان إثبات الإجزاء بملاك التوسعة الواقعيّة.
ويؤيّد إرادة الاحتمال الثاني في القاعدة ذيل موثّقة عمّار حيث تقول : فإذا علمت فقد قذر ، الذي يعني أنّ مجرّد العلم بالقذارة يوجب نفوذ آثار القذارة ومقتضى إطلاقها إنفاذ جميع آثار القذارة حتّى الثابتة قبل العلم بها والتي منها بطلان العمل السابق ولزوم الإعادة واحتمال هذا الإطلاق كاف أيضا لسريان الإجمال إلى صدر الحديث. (١)
وذلك لما عرفت من أنّ المتبادر من الاصول الظاهريّة المجعولة في حال الشكّ لمن أراد امتثال التكاليف الواقعيّة أنّ امتثال التكاليف المشروطة بالطهارة يتحقّق باتيان المشكوك المحكوم بالطهارة ولا ينسبق إلى الأذهان أنّ ما أتى به في هذا الحال يمكن أن يكون لغوا ويبقى الواجب على الذمّة.
وليس ذلك إلّا معنى الحكومة ولكنّ الحكومة المذكورة تختصّ بظرف الشكّ فلا ينافيها ذيل موثّقة عمّار بعد ما عرفت من أنّ الأحكام الواقعيّة لا تزول بقيام الاصول الظاهريّة الحاكمة عليها وإنّما تزول فعليّتها في هذا الحال ومقتضى ذلك هو نفوذ آثار القذارة بمجرّد العلم من حين ارتفاع الأدلّة الحاكمة بالنسبة إلى ما لم يتحقّق الامتثال في حقّه من دون حاجة إلى جعل القذارة وأمّا ما تحقّق الامتثال في حقّه وسقط أمره فلا تأثير للعلم بالقذارة بالنسبة إليه وعليه فلا ينافي ذيل موثّقة عمّار مع
__________________
(١) بحوث في علم الاصول ٢ / ١٦١.