وأمثالهما وإن كانت بلسان حكاية الواقع ولكنّها بأنفسها ليست أحكاما ظاهريّة بل الحكم الظاهريّ عبارة عن مفاد دليل حجيّة الأمارة الحاكمة بوجوب البناء عليها ولسان أدلّتها هي بعينها لسان أدلّة الاصول.
وبعبارة أخرى فرّق بين ما تؤدّي عنه الأمارة وتحكيه وبين ما هو المستفاد من دليل حجّيّتها فإنّ البيّنة مثلا إذا قامت على طهارة شيء كانت هذه البيّنة بنفسها حاكية للواقع جعلها الشارع حجّة أم لا.
ولكنّ الحكم الظاهريّ في المقام ليس هو ما يحكيه البيّنة (من الطهارة) بل الحكم الظاهريّ وعبارة عن حكم الشارع بوجوب العمل على طبقها وترتيب آثار الواقع على مؤدّاها.
وظاهر ما دلّ على هذا الحكم هو قناعة الشارع في امتثال أمره الصلاتيّ مثلا بإتيانها فيما قامت البيّنة على طهارته ولازم ذلك سقوط الطهارة الواقعيّة من الشرطيّة في هذه الصورة وكذلك إذا دلّ خبر زرارة مثلا على عدم وجوب السورة كان قول زرارة حاكيا للواقع جعله الشارع حجّة أم لا.
ولكنّ الحكم الظاهريّ ليس عبارة عن مقول زرارة بل هو عبارة عن مفاد أدلّة حجيّة الخبر أعني حكم الشارع ولو إمضاء بوجوب ترتيب الآثار على ما أخبر به الثقة.
فلو انحلّ قوله صدّق العادل مثلا بعدد الموضوعات كان معناه فيما قام خبر على عدم وجوب السورة (يا أيّها المكلّف الذي صرت بصدد امتثال الأمر الصلاتيّ ابن على عدم وجوب السورة).
وظاهر هذا هو أنّك إذا صلّيت بغير سورة فقد امتثلت الأمر بالصلاة وكان