الاحتمالين معيّنا تعبّدا والآخر بلسان الأخذ بالاحتمال الموافق للأمارة مراعاة لكشفها لا يصلح فارقا فيما هو المهم (١).
الإشكال الأوّل
اورد عليه أوّلا بما في مناهج الوصول من أنّ الأمارة تارة تكون عقلائيّة ولم يرد من الشرع أمر باتّباعها ولكن استكشفنا إمضائها من عدم الردع وأخرى هذا الفرض مع ورود أمر إرشاديّ منه باتّباعها وثالثة تكون تأسيسيّة شرعيّة.
وظاهر عنوان القوم خروج الفرض الأوّل عن محطّ البحث بل الثّاني أيضا لأنّ الأمر الإرشاديّ لم يكن أمرا حقيقة.
والتحقيق عدم الإجزاء في الأمارات مطلقا أمّا في الفرضين الأوّلين فلأنّ المتّبع فيهما هو طريقة العقلاء لعدم تأسيس للشارع ولا إشكال في أنّهم إنّما يعملون على طبق الأمارات لمحض الكشف عن الواقع مع حفظه على ما هو عليه من غير تصرّف فيه وانقلاب عمّا هو عليه ومع تبيّن الخلاف لا معنى للإجزاء بالضرورة.
وأمّا إذا كانت الأمارة تأسيسيّة فلأنّ معنى الأمارة هو الكاشف عن الواقع وإيجاب العمل على طبقها إنّما هو لمحض الكاشفيّة عن الواقع المحفوظ من غير تصرّف فيه وانقلاب وإلّا لخرجت الأمارة عن الأماريّة.
وما قد يقال إنّ لسان دليل الحجيّة في الأمارات والاصول سواء ـ وهو وجوب ترتيب الأثر عملا على قول العادل فمقتضى قوله صدّق العادل هو التصديق العمليّ وإتيان المأمور به على طبق قوله وهو يقتضي الإجزاء كما يأتي في الاصول ـ غير تامّ لأنّ إيجاب تصديق العادل لأجل ثقته وعدم كذبه وإيصال المكلّف إلى الواقع المحفوظ كما هو كذلك عند العقلاء في الأمارات العقلائيّة ولا يفهم العرف والعقلاء من مثل هذا
__________________
(١) ج ١ / ١٢٧.