الظاهريّة لا يوجب تفاوتا في التبادر المذكور والانفهام العرفيّ لأنّ في كليهما يحتاج المكلّف إلى إعداد الشارع وإمداده فمن الممكن أن يرشده الشارع إلى الإتيان بالأمارة والإعادة عند كشف الخلاف وأن يأمره بإتيانها مع الاكتفاء بها والحكم بتحقّق الامتثال بما قام عليه كشف ناقص فلا وجه لدعوى المنافاة والاستحالة.
فإذا أمكن الأمر بإتيانها مع الاكتفاء بها فلا تكون دعوى تبادر ذلك وانفهامه العرفيّ فيما إذا أمر المكلّف المتحيّر في مقام الامتثال مجازفة.
والشاهد على عدم المنافاة وإمكان الإجزاء هو صحّة تصريح الشارع عند جعل الاعتبار للأمارات بأن يقول :
اعملوا بها فإن كانت مخالفة للواقع أقبلها مكانها ولا حاجة إلى الإعادة في الوقت أو القضاء في خارجه كما يصحّ تصريحه بذلك عند جعل الاصول الظاهريّة.
ثمّ لا فرق فيما ذكر من إمكان الإجزاء وعدم منافاته مع جعل الأمارة وإيجاب العمل على طبق الأمارة بين أن يكون الأمارات تأسيسيّة أو إمضائيّة.
فإنّ الإمضاء إمّا يكون من باب الإرشاد إلى الطريق العقلائيّ وفي هذه الصورة ليست دائرة الإمضاء أزيد من دائرة الممضى فإذا ظهر التخلّف لا مجال للإجزاء.
وإمّا يكون من باب قبول ما قامت عليه الأمارات العقلائيّة مكان تكاليفه الواقعيّة فهو يفيد أمرا زائدا على ما اعتبره العقلاء فإذا ظهر التخلّف كان مقتضى قبوله هو الإجزاء.
وبالجملة الطرق والأمارات العقلائيّة قابلة لإمضاء الشارع إيّاها موسّعة أو مضيّقة فإذا ضمّ الإمضاء المذكور لتسهيل الأمر على المكلّف الذي كان بصدد امتثال الواقعيّات. أفاد الإمضاء المذكور إجزاء الإتيان بما أمضاه الشارع ولو لم يكن للعقلاء حكم بعد كشف الخلاف ، هذا غير ما إذا ورد من الشارع أمر بعنوان الإرشاد المحض فإنّه تابع لحكم العقلاء كما لا يخفى وعليه فالإمضاء لا ينافي الإجزاء.