سابقا أنّ لحن أدلّة حجّيّة الأمارات هو جواز الاكتفاء بها في مقام امتثال الطبائع المأمور بها ومن المعلوم أنّ هذا يصحّ مع الطريقيّة لا السببيّة هذا مضافا إلى أنّ المراد لو كان هو الإطلاق الكلامي.
فقد اورد عليه في بدائع الأفكار بأنّه لا يتصوّر في المقام لأنّه لا يتحقّق إلّا بملاحظة عدم تقييد الكلام بذكر عدل للتخيير أو بالجمع بين العمل على طبق الأمارة والعمل على طبق الواقع كما لو قال في الأوّل اعمل على طبق الأمارة أو اعمل على طبق الأمارة والواقع معا ، وهذا النحو من التقييد غير معقول ، لعدم إمكان الأخذ به في حال الجهل بالواقع وإذا كان تقييد الكلام بقيد غير معقول فإطلاقه اللحاظي من ناحية ذلك القيد غير تامّ (١).
وإن أريد بالإطلاق الإطلاق المقاميّ فهو معقول لأنّه يمكن للمولى إذا كان في مقامه البيان أن يقول اعمل على طبق الأمارة وإذا انكشف لك خطأها فاعمل على طبق الواقع فإذا سكت وهو في مقام البيان عن ذكر حكم العمل على طبق الواقع بعد انكشاف الخلاف كشف سكوته على إجزاء العمل على طبق الأمارة ولا يرد عليه ما اورده في بدائع الأفكار من أنّ هذا النحو من الإطلاق غير ثابت لكفاية إطلاقات الأحكام الواقعيّة بيانا لحكم العمل على طبق الواقع بعد انكشاف الخلاف (٢). لأنّ بعد حكومة الأمارات على الأحكام الواقعيّة وتقبّل الأحكام الظاهريّة مكان الأحكام الواقعيّة تحقّق امتثال الطبيعة المأمور بها ومع تحقّق الامتثال لا مجال للتمسّك بإطلاقات الأحكام الواقعيّة.
نعم قد ذكرنا أنّ أدلة حجّية الأمارات ظاهرة في أنّها في مقام تحفّظ الواقعيّات فالإطلاق المقامي يفيد للإجزاء بناء على الطريقيّة لا السببيّة وأمّا دعوى أنّ الإطلاق
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٩٧.
(٢) بدائع الأفكار ١ / ٢٩٨.