الأمر الثالث : في إجزاء الأمارات عند كشف الخلاف باليقين
هنا جهات :
الجهة الأولى : في إجزاء الأمارات بناء على الطريقيّة
التقريب الأوّل : أنّ الأمارات كخبر الواحد والبيّنة وأمثالهما وإن كانت بلسان حكاية الواقع ولكنّها بانفسها ليست أحكاما ظاهريّة بل الحكم الظاهريّ عبارة عن مفاد دليل حجيّة الأمارة الحاكمة بوجوب البناء عليها ولسان أدلّتها هي بعينها لسان أدلّة الاصول إذ ظاهر ما دلّ على اعتبار الأمارات هو قناعة الشارع في امتثال أوامره الصلاتيّة مثلا بإتيانها فيما قامت البيّنة على طهارته ولازم ذلك سقوط الطهارة الواقعيّة من الشرطيّة المنحصرة في هذه الصورة وكفاية الطهارة التي قامت البيّنة عليها.
وعليه فالاختلاف بين الاصول والأمارات ليس إلّا من جهة أنفسهما لا من جهة دليل اعتبارهما والمعيار في الإجزاء هو دليل حجّيّتهما لا أنفسهما والقول بأنّ الأمارة تارة تكون عقلائيّة ولم يرد من الشرع أمر باتّباعها ولكن استكشفنا إمضائها من عدم الردع وأخرى هذا الفرض مع ورود أمر إرشاديّ منه باتّباعها وثالثة تكون تأسيسيّة شرعيّة.
والظاهر خروج الفرض الأوّل عن محطّ البحث بل الثاني أيضا لأنّ الأمر الإرشاديّ لم يكن أمرا حقيقة.
والمتّبع فيهما هو طريقة العقلاء لعدم تأسيس للشارع ولا إشكال في أنّهم إنّما يعلمون على طبق الأمارات لمحض الكشف عن الواقع.
بل التحقيق عدم الإجزاء فيما إذا كانت الأمارة تأسيسيّة لأنّ معنى الأمارة هو الكاشف عن الواقع وإيجاب العمل على طبقها إنّما هو لمحض الكاشفيّة عن الواقع