الملازمة لا مورد للبحث عن الحجّيّة فإنّ وجود أحد المتلازمين حجّة على الآخر بالضرورة ولا مجال للبحث عنها وبالجملة محطّ النظر في المسألة هو إثبات الملازمة لا الحجّيّة (١).
وفيه أنّ موضوع علم الاصول ليس الأدلّة الأربعة بما هي أدلّة بل ذواتها بل لا يختصّ بالأدلّة الأربعة وذواتها لأنّ موضوع علم الاصول كما مرّ في البحث عن الموضوع أعمّ منها وهو ما يصلح للحجّيّة على الحكم الكلّيّ الفقهيّ وهو يشمل غير الأدلّة الأربعة فوجوب ذي المقدّمة ممّا يصلح ويمكن أن يكون حجّة على وجوب المقدّمة بدعوى الملازمة العقليّة بينهما أو بدعوى الدلالة اللفظيّة عليه.
وعليه فكلّ قاعدة يمكن على فرض ثبوتها أن تقع كبرى لاستنتاج الحكم الفرعيّ الإلهيّ فهي داخلة في موضوع علم الاصول ولو كان ثبوتها بالبحث عنها كسائر العلوم مثل المسائل المنطقيّة فإنّها ربما تكون مكتشفة بالبحث عنها ومع ذلك لم تكن من المبادئ ولعلّه لذا كان البحث عن المفاهيم من المسائل الاصوليّة ولو كان ثبوتها موقوفا بالبحث عنها في الاصول فالمعيار هو صدق الموضوع عليه ولو بعد البحث عنه بنحو القضيّة الحقيقيّة ومن المعلوم صدق قاعدة يمكن أن تقع كبرى للاستنباط على مثل الملازمة بين إيجاب ذي المقدّمة وإيجاب المقدّمات والقول بأنّ البحث عن حجّيّة المفاهيم ليس في أصل ثبوت المفاهيم بل في حجّيّتها حيث أنّ لذكر القيد الزائد مثل الشرط والوصف وأمثالهما ظهورا ما في الدخالة بلا إشكال وإنّما يقع البحث عن حجّيّتها كما في نهاية الاصول مندفع بأنّ ظهورا ما ليس هو المفهوم فإن كان مثله كاف في إدراج مباحث المفاهيم في المسائل الاصوليّة فإرادة ذي المقدّمة ووجوبها أيضا لهما ظهور ما في إرادة المقدّمات فالبحث عن وجود الملازمة بينهما
__________________
(١) ١ / ١٤٢.