وحيث إنّ اعتبار الاختصاص لكلّ أحد لغو لا يترتّب عليه الأثر المرغوب واعتباره لبعض دون بعض تخصيص بلا مخصّص.
فلا محالة لا مصحّح له إلّا ما جعله الشارع أو العرف موجبا للاختصاص وهو التعاقد والتراضي فيكون اعتبار الاختصاص لمن حصل بالنسبة إليه تعاقد وتراض إمضاء لما تعاقدا عليه صحيحا موجبا لانحفاظ النظام.
وإذا كانت الإجازة المتأخّرة إمضاء للعقد السابق فمقتضى اعتبار الاختصاص بعنوان الإمضاء اختصاص الشيء على حدّ تخصيص المتعاقدين الممضي من حينه على الفرض.
وتأخّر الإمضاء عن العقد الممضى تأخّر بالطبع لا بالزمان كتأخّر العلم عن المعلوم فلا ينافي تقدّم العقد أو تأخّره كما لا يجب مقارنتهما فتدبّر جيّدا (١).
حاصله أنّ حقيقة الوضعيّات شرعا أو عرفا عين الاعتبار وأمره بيد المعتبر وهو لا يتقوّم بالوجود الخارجيّ ولا يكون العقد سببا لذلك الاعتبار كما لا يكون سببا لعروض المصلحة على نفس الاعتبار بل مصلحته هو انحفاظ المعيشة تشريعا وهي قائمة بنفس الاعتبار ولا تكون تلك المصلحة ناشئة عن العقد أو غيره من الخارجيّات وإنّما العقد والشروط سواء كانت مقارنة أو غير مقارنة مصحّحة لمورد الاعتبار بمعنى أنّ فيها مصلحة بها ترفع اللغويّة عن الاعتبار أو الترجيح بلا مرجّح في اختصاص الاعتبار بها من بين الأشياء وهذه المصلحة لا ارتباط لها بمصلحة نفس الاعتبار لما عرفت من أنّه هي انحفاظ المعيشة وعليه فاعتبر المعتبر الاختصاص لمن حصل بالنسبة إليه تعاقد وتراض سواء كان متقدما أو مقارنا أو متأخّرا وهذا الاعتبار إمضاء لما تعاقد المتعاقدين عليه صحيحا وموجب لانحفاظ النظام وتأخّر الاعتبار
__________________
(١) ١ / ٢٨٢ ـ ٢٧٩.