وهذا شيء مطّرد في كلّ المقتضيات التي يظهر أثرها بعد انضمام شرط متأخّر يحصل بعد فقدان ذلك المقتضي فنعرف عن هذا الطريق وجود حلقة مفقودة هي المقتضي للأثر المطلوب لا هذا الذي سمّي بالمقتضي بل هذا مجرّد موجد لذلك المقتضي والمفروض الفراغ عن إمكانية بقاء الأثر بعد زوال المؤثّر بواسطة حافظات اخرى لذلك الأثر فإنّه لا إشكال عند احد في بقاء البناء على وضعه الذي بنى عليه بعد فناء البناء ولو بحافظيّة الجاذبيّة وتماسك أجزاء البناء.
وإنّما الإشكال في المقام من ناحية الشرط المتأخّر فيظهر بهذا البيان أنّ ما هو الشرط بحسب الحقيقة ليس متأخّرا.
وهذا إذا صحّ في الأمور التكوينيّة فليكن الأمر التعبّديّ المولويّ بالصوم مع اشتراط الغسل في الليل من هذا الباب (١).
وفيه أنّ ذلك يوجب خروج المقتضي عن كونه مقتضيا ودخوله في المعدّات والعلل المتدرّجة بالنسبة إلى وجود المقتضي المقارن مع الشرط المتأخّر.
مع أنّ مثل الصوم هو المقتضي المباشر لا مقتضى لشيء آخر هو المباشر وأنّ الغسل في الليلة التي بعده شرط للصوم لا شرط لأثره الباقي بعد مضيّ الصوم على أنّ تقارن الشرط مع أثر المقتضي يوجب اقتران أثر مجموعهما مع وقت اكتمال أجزاء العلّة فلا وجه لتقدّم أثرهما على وقت اكتمال أجزاء العلّة فمثل الإجازة في العقد الفضوليّ لا يمكن أن يكشف كشفا حقيقا عن تقدّم النقل والانتقال عند صدور العقد لأنّ بقاء أثر العقد إلى حين الإجازة واكتمال أجزاء العلّة يقتضي اقتران النقل والانتقال مع وقت اكتمال الأجزاء فهذا الوجه أيضا لا يصحّح الكشف الحقيقيّ بنحو الشرط المتأخّر.
السادس : إنّه قد يجاب بأنّ الشرط هو الوجود الدهريّ الثابت في سجلّ
__________________
(١) بحوث في علم الاصول : ٢ / ١٨٣.