هذا مضافا إلى حكم الوجدان بأنّ الإنسان إذا تصوّر شيئا والتفت إليه فأمّا أن يتعلّق طلبه به أو لا يتعلّق لا كلام على الثاني وعلى الأوّل فأمّا أن يصدق بفائدته على جميع تقاديره أو على بعضها وعلى كلا التقديرين يحصل الطلب بمعنى الشوق المؤكّد بعد حصول الميل الحاصل بعد التصديق من دون حالة انتظاريّة ولا يكون التقدير المذكور من تقادير الطلب بل من تقادير الفعل المطلوب.
فالطلب موجود في جميع التقادير سواء كان المطلوب مطلقا أو مقيّدا وعليه فلا تقيّد في الطلب بحسب الوجدان بل المقيّد هو المطلوب انتهى محصّل مراده.
ولا يخفى عليك أنّ الطلب والإرادة وإن كانا مطلقين ولكنّ ذلك ليس من جهة عدم إمكان التقييد لأنّ تقييد الفرد في حال تحقّقه لا مانع منه فيصحّ رجوع القيد إلى الهيئة التي تكون من المعاني الحرفيّة وإنّما ذلك من جهة حكم الوجدان بالتقريب المذكور.
وتبعه في الوقاية حيث قال إنّ المعنى المستفاد من الهيئة والمنشأ بها متحقّق فعلا من دون ابتنائه على شيء ولكنّ المتوقّف تأثيره في المكلّف.
وبيانه أنّ الآمر قد يلاحظ القيد معدوما ويطلبه مع المقيّد كما في قوله صلّ مع الطهارة وقد يلاحظ القيد موجودا وبعد فرض وجوده ينقدح في نفسه الطّلب فيطلب مقيّدا مفروضا وجود قيده فيكون الطلب متحقّقا بنفس الإنشاء ولكنّ تأثيره في المكلّف بمعنى انبعاثه نحو الفعل والتزامه به يتوقّف على وجود ذلك القيد المفروض لأنّ الطلب في نفس الآمر تحقّق على فرض وجوده فلا بدّ أن يؤثّر فيه بعد وجوده ليطابق الخارج ما كان في نفس الآمر فكما أنّه لو طلب مقيّدا بقيد موجود واقعا ما كان يؤثّر على فرض عدمه في الخارج فكذلك لا يؤثّر على فرض عدم ما كان في الذهن متعلّقة للطلب فتأمّل فيه جيّدا تجده واضحا (١).
__________________
(١) الوقاية : / ٢١٨.