الذهني كاف في انقداح الإرادة كقولنا للخادم اذهب إلى بيت فلان وقل له ايت فلانا وإن لم يأت فخذه وجئني به.
ومن المعلوم أنّ الأمر بالأخذ والإتيان به عند امتناعه عن الإتيان فعليّ وليس مفاد الكلام أنّه إن امتنع فأنا أخبرك وقتئذ أنّي أردت وأوجدت البعث إلى الإتيان به في ذلك الحين بل البعث متحقّق عند فرض امتناعه عن المجىء بالنسبة إلى أخذه والإتيان به ولكنّه مع ذلك لا أثر له إلّا عند وقوع الامتناع.
لا يقال إنّ الإرادة التكوينيّة علّة تامّة للحركة نحو المراد فمع عدم تحقّق المفروض لا يعقل انقداحها في النفس والإرادة التشريعيّة وإن كانت بنفسها علّة ناقصة إلّا أنّها لا بدّ من أن تكون بحيث إذا إنقاد المأمور لما أمر به كانت علّة تامّة للمراد.
نعم الشوق المطلق يمكن تعلّقه بأمر على تقدير لكنّه ليس من الإرادة في شيء بل التقدير بالدقّة تقدير المراد لا تقدير الإرادة وإلّا لما وجد الشوق المنوط به لأنّ تقيّد شيء بشيء ليس جزافا ومجيء زيد لو كان له دخل لكان في مصلحة المراد أو في مصلحة فعل المريد وهو الإيجاب.
وأمّا الإرادة والشوق فليسا من الأفعال ذوات المصالح والمفاسد بل صفات نفسانيّة تنقدح في النفس عقيب الداعي فلا يعقل إناطتهما جعلا بشيء.
ومنه تبيّن حال البعث الحقيقيّ فإنّه الإنشاء بداعي جعل الداعي بحيث لو مكن المكلّف من نفسه كان علّة تامّة للانبعاث.
نعم الإنشاء بداعي جعل الداعي مرتّبا على مجيء زيد معقول فأنّه في الحقيقة ليس داعيا وباعثا فعلا بل عند مجيء زيد يصف بحقيقة الباعثيّة وبملاحظة هذا الإنشاء كلّما فرض مجيء زيد يفرض مصداقيّة البعث الإنشائيّ للبعث الحقيقيّ وكلّما تحقّق مجيء