زيد صار الإنشاء معنونا بعنوان البعث تحقيقا (١).
لأنّا نقول إنّ تصديق النفس لمصلحة الفعل مع فرض وجود القيد معقول فإذا تحقّق هذا التصديق قبل وجود القيد مع فرض وجوده صحّ انقداح إرادة النفس لذلك وحيث إنّ الإرادة متعلّقة بفرض وجوده لا تكون مؤثّرة في الامتثال قبل وجوده خارجا فلا وجه لتوهّم لزوم الامتثال قبل وجود القيد بل التأثير منوط بوجود القيد في الخارج وانقياد المأمور للإطاعة فصارت الإرادة عندئذ علّة تامّة لتحريك عضلات المأمور نحو العمل فالإرادة والبعث من ناحية المولى موجودة بالفعل وإنّما الباعثيّة والفاعليّة متأخّرة.
وبالجملة كما أفاد أستاذنا المحقّق الداماد قدسسره إنّا نجد بالوجدان أنّ الإرادة بالنسبة إلى المشروط والمقيّد موجودة في النفس قبل تحقّق الشرط والقيد بحيث لو لم يتمكّن المريد من الآمر ولكن علم المكلّف أنّه مريد للمشروط والمقيّد يجب امتثاله ولازمه وجوب تحصيل مقدّمات المشروط والمقيّد فيما إذا لم يتمكّن المكلّف من تحصيلها وقت حصول الشرط والقيد وليس ذلك إلّا لتحقّق الإرادة قبل تحقّق الشرط ، والإنشاء الحقيقيّ تابع لحقيقة الإرادة النفسانيّة فإذا كانت الإرادة النفسانيّة قبل تحقّق الشرط والقيد موجودة في النفس وكان القيد قيدا للمادّة دون الإرادة كان إنشاء الوجوب كذلك فالإرادة والوجوب فعليّة ولا تعليق ولا تقييد فيها.
وعليه فلا فرق بين قوله صلّ مع الطهارة وقوله إذا كنت طاهرا فصلّ من جهة فعليّة الإرادة وإنشاء الوجوب وإنّما الاختلاف في أنّ القيد لازم التحصيل في الأوّل دون الثاني.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ ما يحكم به الوجدان من رجوع الشروط الى المادّة إنّما هو فيما إذا لم
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ ص ٢٩٢.